للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سالت لأجلها الدماء، وألغت الأعياد الإسلافية، وحطمت بصورة استبدادية مظاهر الحشمة والحياء الإسلافيين، فأكرهت النساء على تقليد المرأة الغربية في كل شيء وحاربت بشدة صارمة كل من اعترض طريقها من المتورعين وحتى المعتدلين شيئًا ما من الكماليين (١).

ولذلك فإن حكومة تركيا العلمانية الكمالية -هي كما وصفها الأمير شكيب أرسلان- ليست حكومة دينية من طراز فرنسا وإنجلترا فحسب، بل هي دولة مضادة للدين كالحكومة البلشانية في روسيا سواء بسواء، إذ أنه حتى الدول اللادينية في الغرب بثوراتها المعروفة لم تتدخل في حروف الأناجيل وزي رجال الدين وطقوسهم الخاصة وتلغي الكنائس (٢).

والحقيقة المرة أن مصطفى كمال قد خلق نموذجًا صارخًا للحكام في العالم الإسلامي، وكان لأسلوبه الاستبدادي الفذ أثره في سياسات من جاء بعده منهم، كما أنه أعطى الاستعمار الغربي مبررا كافيًا للقضاء على الإسلام، فإن فرنسا مثلا ًبررت تنصير بلاد المغرب العربي وفرنجتها بأنه لا يجب عليها أن تحافظ على الإسلام أكثر من الأتراك المسلمين أنفسهم!!

وليس أعجب من هذا الرجل وزمرته إلا من ينادون اليوم -من الزعماء- بإقامة حكومات علمانية في بلادهم ويقولون: أن مصطفى كمال هو قائدهم الروحي.

[* حقيقة أتاتورك:]

- يقول الأستاذ أنور الجندي: "إن أتاتورك في الحقيقة لم يكن مجاهدًا


(١) انظر "تاريخ الشعوب الإسلامية" لبروكلمان، فصل "تركية والإسلام في الغرب" جان بول رو: (١٨١، ١٨٦)، و"الصراع بين الفكرة الإسلامية والفكرة الغربية" (٥٩ - ٦٣).
(٢) "حاضر العالم الإسلامي" (٣/ ٣٣٦).