للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ليس هو فكر الترجمة في ذاتها بل الروح التجديدية التي تكمن وراءها (! ) فقد ترجم لافونتين إلى شعر سهل لا تصنّع فيه ولا رهق، إلا أنه حين ترجم ملاهي موليير كتبها بلهجة العامة في مصر، ولم يكن الوقت قد حان بعد للإقدام على مثل هذا العمل الجريء (! ) غير أن ما تجلى في تلك الخطوة من انفكاك تام من أسر الماضي كان دليلاً على روح العصر، قال الخديوي إسماعيل: "أن مصر أصبحت قطعة من أوروبا"، ولذا كان لا بد للأدب المصري من أن يعبر عن استقلاله عن التقاليد الآسيوية والإفريقية" (١).

[* عبد الرحمن الكواكبي أول من نادى بفكرة العلمانية حسب مفهومها الأوربي الصريح:]

يقول عبد الرحمن الكواكبي (ت ١٩٠٢): "يا قوم وأعني بكم الناطقين بالضاد من غير المسلمين أدعوكم إلى تناسي الإساءات والأحقاد، وما جناه الآباء والأجداد، فقد كفى ما فعل ذلك على أيدي المثيرين، وأجلكم من أن لا تهتدوا لوسائل الاتحاد وأنتم المتنورون السابقون. فهذه أمم أوستريا وأميركا قد هداها العلم لطرائق الاتحاد الوطني دون الديني، والوفاق الجنسي دون المذهبي، والارتباط السياسي دون الإداري .. ".

"دعونا ندبر حياتنا الدنيا، ونجعل الأديان تحكم الآخرة فقط (! ) دعونا نجتمع على كلمات سواء، ألا وهي فلتحيا الأمة، فليحيا الوطن، فلنحيا طلقاء أعزاء" (٢).


(١) "دراسات في حضارة الإسلام" لجب (ص ٣٢٠ - ٣٢١).
(٢) "طبائع الاستبداد" لعبد الرحمن الكواكبي (ص ١١٢ - ١١٣).