للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نفي ابن عبده الغرابلي في البلاد الشامية وحده ليفتن فيها من أراد الله فتنته.

فلما انقضت مدة النفي، ورجع إلى الديار المصرية، كانت ثقة اللورد كرومر به أكبر ثقة. فسكن في "منشية الصدر" بعيدًا عن عيون الرقباء وكانت الواسطة بينه وبين اللورد رجلاً إنكليزيًا اسمه "بلنت" .. " (١).

يقول الدكتور محمد محمد حسين في كتابه "الإسلام والحضارة العربية" (ص ٩٤) بالهامش "يرى المؤلف (٢) أن عرابي كان خائنًا، وأنه كان يمثل الجناح الحربي في مدرسة الأفغاني، بينما كان محمد عبده يمثل الجناح الفكري، ويستدل على ذلك بصلتهما المشتركة وصلة أستاذهما الأفغاني من قبل بالمستر بلنت، الذي كان يعمل على تمزيق الدولة الإسلامية. فالمستر بلنت -كما هو معروف- هو الذي تولى الدفاع عن عرابي في محاكمته، وهو الذي أصدر بيانًا باسم الثورة العرابية نشره في جريدة التيمز، يصف فيه الحزب الوطني الذي أعد للثورة بأنه "حزب سياسي لا ديني" "الاتجاهات الوطنية" (١/ ١٥٤).

[* موقف محمد الهدي السنوسي شيخ السنوسيين من الحركة العرابية:]

لم يقتنع المهدي السنوسي بجدوى الثورة، كأسلوب لتحقيق مطالب عرابي؛ لأنها تتيح للأجانب التدخل، وقد وضح هذا الرأي في رسالة بعث بها محمد الشريف أخو المهدي إلى الشيخ مصطفى المحجون شيخ زاوية الطيلمون بتاريخ شعبان ١٣٠٦ هـ بمناسبة قيام إحدى قبائل برقة بالعصيان على الدولة العثمانية، إذ قال فيها: "ونرجو أن تكون الفتنة التي بالوطن قد طُفئت؛ لأنها مخيفة سيئة العاقبة، تشبه الفتنة العرابية التي من أجلها حلّ


(١) "بلايا بوزا" للجنبيهي (ص ٥٠).
(٢) أي الشيخ الجنبيهي.