الولايات المتحدة هي الدولة صاحبة التأثير الأقوى على الأمم المتحدة الآن، فإن المروجين لمقولة الاستقلال أوحوا بأن الدكتور غالي لا يهمه رضا واشنطن أو سخطِها، وأنه سيحدد مواقفه في ضوء تصرفاته الشخصية أولاً وأخيرًا.
غير أننا عندما نختبر تلك المقولة على المحك، فسوف نلاحظ أن الأمين العام يطبّق المواقف والأولويات الأمريكية بحذافيرها، وأنه طيلة العام الذي أمضاه في وظيفته كان شديد الالتزام بكل الخطوط السياسية المرسلة من واشنطن.
لقد فوجئنا به في أول مؤتمر صحفي عقده بعد توليه منصبه، وهو يعلن أن قرار ٢٤٢ (ليس ملزمًا)، وعندما صدم الرأي العام العربي وأثار تصريحه الضجة المشهورة، أعاد مكتبه شرح موقفه، فقال: أنه قصد القول: بأن القرار ليس قابلاً فرض تنفيذه، نظرًا لعدم تبنيه بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
وكانت نتيجة ذلك أن الأمين العام الجديد بدأ مهمته بإضعاف مرجعية أساسية في المفاوضات العربية - الإسرائيلية.
وانعكست إفرازات ذلك الموقف على تدهور القرار ٢٤٢ على المسار الفلسطيني، وذلك عندما رفضت واشنطن "بعد مضي حوالي ستة أشهر على تصريح الدكتور غالي إلزام الجانب الإسرائيلي بتطبيق القرار ٢٤٢ على الشأن الفلسطيني.
لوحظ أيضًا أن الأمين العام الذي عُرِف بحرصه على إصدار التقارير التي يطلبها مجلس الأمن في أي موضوع أو مسألة، لم يستجب حتى الآن لطلب المجلس في القرار ٦٨١، المعني بحماية الفلسطينيين تحت الاحتلال، وانطباق اتفاقات جنيف الرابعة المعنية بحماية المدنيين على الأراضي الفلسطينية المحتلة. وكان ذلك القرار قد طُلِب من الأمين العام في ديسمبر (كانون الأول) ١٩٩٠ أن يقدم تقريرًا دوريًّا كل ثلاثة أشهر بشأن هذه المسألة.