الاستعمار ولا يزال، في محاولة القضاء على مقومات العالم الإسلامي والأمة العربية جزء منه، والإيمان بأن هذا العمل الفكري هو أهم الأعمال القادرة على دعم نفوذ الاستعمار وتركيز قوى الغرب في قلب المنطقة، وتمثل كتاباته في تقاريره وفي كتابه "مصر الحديثة" خطة عمل كاملة، وأيدلوجيا شاملة للقضاء على مقومات الفكر العربي الإسلامي وتمزيق وحدة العالم الإسلامي، ومقاومة القيم والمفاهيم العربية والإسلامية.
ولقد أمضى لورد كرومر في مصر ما لا يقل عن ربع قرن قابضًا على زمام السلطات (١٨٨٢ - ١٩٠٦) وأتيح له من قبل أن يمضي وقتًا في الهند، درس في خلالها مناهج الاستعمار البريطاني هنالك، وقد عمل أول أمره في مصر مندوبًا في صندوق الدين المصري ١٨٧٧، ثم ما لبث أن عين بعد الاحتلال البريطاني مباشرة مندوبًا ساميًّا، ومعتمدًا لبريطانيا، ويهمنا في هذه الدراسة أن نتناول آثاره في مجال الفكر العربي الإسلامي ومخططه الذي سار عليه من بعده كل دعاة التغريب والذي اتخذته منظمات التبشير ومعاهد الإرساليات وكل من اشترك في مخطط العمل (دستورًا) من أجل تأكيد النفوذ الأجنبي عن طريق الفكر.
- وقد تبلورت حملات كرومر في نقاط هامة قليلة:
١ - إثارة الشبهات حول الإسلام، وذلك بالادعاء بأنه دين مناف للمدنية ولم يكن صالحًا إلا للبيئة والزمان اللذين وجد فيهما.
٢ - أن المسلمين لا يمكنهم أن يرقوا في سلم الحضارة والتمدن إلا بعد أن يتركوا دينهم وينبذوا القرآن وأوامره ظهريًا؛ لأنه يأمرهم بالخمول والتعصب، ويبث فيهم روح البغض لمن يخالفهم والشقاق وحب الانتقام وأن المانع الأعظم والعقبة الكئود في سبيل رقي الأمة هو: القرآن والإسلام.
٣ - إن الإسلام يناقض مدنية هذا العصر من حيث المرأة والرقيق وأن