يسلب عن المستعمرات السلطة الإسلامية السياسية، ولكنه يزيد الإسلام نفوذًا وما زال الشيخ والدرويش هما صاحبا النفوذ في أفريقيا ولقد كانت كتابات زويمر كلها ترمي إلى إثارة الشبهة حول إمكانية مجاراة تيار الحضارة مع الاحتفاظ بمبادئ القرآن وتعاليمه، وكان يرى أن اتساع نطاق الحضارة من شأنه أن يقضي على مفاهيم الإسلام، وكان يعلن دائمًا أن هدف بعثات التبشير ليس إدخال المسلمين في المسيحية، وإنما إثارة الشبهات أمامهم فيحتقروا أمتهم، ويتنكروا لقيمهم الأساسية ويصبحوا ملحدين إباحيين ومن ذلك قوله: لقد تساءل اللورد كرومر مرة: هل يبقى الإسلام إسلامًا إذا دخل عليه الإصلاح، فأنا أقول بصفة قطعية أنه لا يبقى كذلك؛ لأن الإصلاحات تجهز عليه فالأركان الأساسية الموجودة في الإسلام كالحج وتعدد الزوجات والطلاق لا تستطيع الثبات في وجهة تيار المدنية الجارف والواقع أن كل ما وصل إليه دعاة التغريب من آراء هي في أساسها أهواء، وما وضعوه منها في صبغة "التقرير" قد ثبت بمرور الأيام أنه ليس صحيحًا، وأن الفكر الإسلامي العربي استطاع أن يوائم بينه وبين الحضارة والفكر العصري، وقد كان دائمًا قادرًا على التلقي والامتصاص ودومًا كان قادرًا على الحركة، مرنًا لا يجمد، وما يزال الإسلام قائمًا والفكر الإسلامي حيًّا إلى اليوم وبعد أن كتب زويمر ما كتب بنصف قرن وفي كتابه "الإسلام: ماضيه وحاضره ومستقبله"، أورد معلومات مضللة عن نفوذ المبشرين في أفكار الإسلام وعن تعداد المسلمين.
ومن رأيه عدم مجادلة المسلمين بالبراهين العقلية بل الدخول عليهم من الجهة القلبية لاستجلاب عواطفهم واستمالة أهوائهم ومع أنه بروتستانتي فقد كان يستجمع البعثات الكاثوليكية والأثوذكسية ويدعو إلى توحيد العمل في شن الغارة على الإسلام وانتهاز فرصة الضعف التي مر بها العالم الإسلامي بعد الحرب العالية الأولى وقد أولى زويمر اهتمامًا بأواسط أفريقيا والنيجر ودعا إلى توسيع نطاق العمل بها وأبدى تخوفه من اتساع نطاقها.