للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تناولت حياة (البغايا) وطقوسهن في العوالم السفلية والمخملية، ابتداء من اللبناني (توفيق يوسف عواد) في روايته (الرغيف) عام ١٩٣٩، ومرورًا بالشاعر العراقي (بدر شاكر السياب)، في قصيدته "المومس العمياء" عام ١٩٥٣، وصولاً إلى المصري (نجيب محفوظ) في ثلاثيته "بين القصرين" عام ١٩٥٦، وفي "قصر الشوق" و"السكرية" عام ١٩٥٧.

كان هذا المنحى -في بداياته الأولى- يتحفظ في الولوج إلى وصف (تضاريس الجسد)، بشكل مبتذل ورخيص ومسموم، على النحو الذي بلغه في الثلاث عقود الأخيرة من القرن الماضي باسم "الحداثة"، ويكفي في هذا السياق أن نعرض قائمة سريعة ببعض العناوين لهذا النوع من (الأدب):

"شهوة ملتبسة" لـ نضال حمرانة، "أوهام أيروسية" لـ مي زيادة، "لواطيات الجنابي" لـ عبد القادر الجنابي، "رائحتي شهية كالنعناع" لـ ليلى العثمان، "عن صبي يفوح جنسًا" لـ غالب هلسا، "جسد سعاد حسني" لـ عناية جابر، "في سرير الرفيقة" لـ سعدي يوسف، "هكذا أفهم الجسد" لـ صباح خراط، "أنا والعادة السرية" لـ حميد العقابي، "اغتصبت في صباي" لـ خالد المعالي، "ملح على ثدي يرتعش"، "خواطر سحاقية" لـ عالية شعيب، "حلمت بحيوان يضاجعني" لـ دني طالب!! مع ذلك فإن هذا "التحفظ " -الذي ميّز جيل خمسينيات القرن الماضي- لم يعفه من مسئولية التأسيس، لنوع من الكتابات تعتمد على "لغة الجسد"، وإطلاق حريته في تلبية شهواته، ووصف مواقعة الذكر للأنثى من جهه، ومواضع العفة لديهما من جهة أخرى بلا حياء، وهو منحى يترتب عليه بالتبعية، الاستهزاء والاستخفاف بكل ما يعتبره معوقًا من معوقات التعبير عنه، وعلى رأسها التقاليد الاجتماعية المحافظة، والثقافة الدينية الحاضنة لها.

- ورغم أنه في سبعينيات القرن الماضي، ومع ما لاقته الحداثة من تَبَنٍّ