للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النخبة الحداثية فقط)، حتى عام ٢٠٠٠ عندما أصدرت وزارة الثقافة المصرية، رواية من هذا النوع وهي "وليمة لأعشاب البحر".

ويعتبر صدور الرواية -وبسعر زهيد، وفي أكبر سوق عربي (مصر)، وتتولى السلطات الرسمية (وزارة الثقافة) طبعها ونشرها- منعطفًا فاصلاً، في مسيرة الحداثة في العالم العربي.

حتى قبيل هذا الحدث، لم يكد أحد من العامة يعرف شيئًا عن الحداثة، في تجلياتها الفكرية والثقاقية والسياسية، كانت هناك مياه كثيرة مرت تحت الجسر، ونعني بها بعض الاشتباكات "العارضة" التي وقعت في الظل، انحسرت بالمصادرة السريعة (مثل الخبز الحافي، وبيضة نعامة في مصر)، و"الرحيل" و"في ليل تأتي العيون" ليلى العثمان، و"عناكب ترثي جرحًا" لعالية شعيب بالكويت، وبعضها خرج إلى العلن، وانتظمت مؤسسات أهلية ورسمية وإعلامية، في الجدل الواسع والعنيف الذي احتدم بشأنها. بيد أنها شكلت وعيًا "أوسع" بالبعد الأكاديمي والمنهجي للحداثة، وكان أبرزها أزمة (نصر حامد أبو زيد)، إذ إن الأخير استخدم "البنيوية الماركسية" في تأويل "النص القرآني"، الأمر الذي أفضى به في النهاية، إلى شكل من أشكال النكوص العقائدي، وإعادة إنتاج المواقف القرشية "الجاهلية" القديمة، من النبوة والوحي، على نحو ما أسلفنا فيما تقدم. هذا "النكوص" سدد (أبو زيد) فاتورته بالكامل من جهة، وشكلت محطة متقدمة، في مشوار الحداثة نحو "مواتها"، المهين والمذل، في بلاد العرب من جهة أخرى. غير أنه من المؤكد، أن أزمة "وليمة لأعشاب البحر" كانت هي المحطة اللاحقة والأخيرة في هذا المشوار.

- فإذا كانت الأولى بما خلفته من أدبيات -حتى في أشكالها القانونية التي صيغت في صورة مذكرات ادعاء أمام المحاكم، أو حيثيات ما أصدرته