للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مرحبا: "أن الفكر الذي نقل إلى المسلمين من اليونان والإغريق لم يكن صحيح الأصول بل كانت صورة زائفة دخلت عليها مفاهيم السريانية والنساطرة المترجمين وعقائدهم، وكانت تهدف إلى خدمة مفاهيم دينية، ومن هنا كان فسادها في أن تعطي الفكر الإسلامي شيئًا، ومن ناحية أخرى فقد تبين أن المقاومة للفلسفة اليونانية ومذهب أرسطو بالذات قد بدأت منذ أن تمت الترجمة، وأن المعارضة بدأت منذ اليوم الأول، ذلك أن الفكر الإسلامي كان قد تم تشكيله قبل الترجمة على أساس قيمه القرآنية من التوحيد والأخلاق، ومن الربط بين الوحي والعقل، ولذلك فإنه كان من العسير أن تنصهر فيه الفلسفة اليونانية أو ينصهر فيها، خاصة وهي فلسفة مجتمع وثني قام على العبودية وإعلاء الشهوات وعبادة الجسد فضلاً عن أن محاذير الترجمة من فساد وانتحال وتحريف نصوص وإن كانت طائفة من الفلاسفة أطلق عليهم اسم المشائين قاموا بمحاولة شاقة وعسيرة لإدخال الفلسفة اليونانية في إطار الإسلام ولكن المحاولة فشلت تمامًا، وكانت وقفة الإمام الغزالي في وجه الفلسفة اليونانية وقفة صارمة ردت السهم إلى صدور أصحابه فقد كشف عن الفرق بين الفلسفة الرياضية والطبيعية وبين الفلسفة الإلهية ورفض الأخيرة؛ لأنها متعارضة مع التوحيد وأعلن أن الكلام في الطبيعيات برهاني، أما في الإلهيات فهو تخميني. وفي الفلسفة الإلهية عارض الغزالي القضايا الكبرى الثلاث التي تقرها الفلسفة اليونانية وتختلف مع مفهوم الإسلام:

١ - ما يقولون به من قدم العالم.

٢ - وأن الله (جل وعلا) لا يحيط علمًا بالجزئيات.

٣ - وإنكارهم البعث، وهاجم الفلاسفة الذين جحدوا الصانع أو زعموا أن العالم قديم كالدهرية والزنادقة، والذين قالوا: أن النفس تموت ولا تعود ومن أنكروا الأخرة.