للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والتحقيق، ولا ينسى أن يستند في خلال ذلك إلى نص محرف أو حديث ضعيف أو رأي هزيل أو ينسب إلى العلماء قولاً لم يقولوه، وإلى بعض المذاهب آراء لم يذهبوا إليها، فلا يكاد ينتهي من بحثه حتى يكون قد أحكم بث الفكرة في ثنايا كتابه من غير إزعاج للقارئ ولا استفزاز لشعوره.

وبهذا الأسلوب استطاع الأستاذ أن ينجو مما لحق بزملائه من سخط الجمهور وأن ينال ثقته بإخلاصه وتجرده للحق والعلم.

وكم كان الأستاذ أحمد أمين بارعًا في التشكيك في أحاديث السنة، مما يدل دلالة قوية على أنه يشك فيها جملة -كما يقول كثير من المستشرقين- وكما قال من قبل بعض رؤساء المعتزلة والفرق الضالة والمبتدعة.

ومما يؤكد هذه الدلالة أن أحد المنتسبين إلى الإسلام في مصر، ممن تلقوا علومهم في جامعات روسيا الشيوعية (يقصد: إسماعيل أدهم أحمد) قام منذ سنين بوضع رسالة عن تاريخ السنة، انتهى به البحث فيها إلى أن هذه الأحاديث التي بين أيدينا، مشكوك في صحتها على العموم، ومن مزاعمه أن ما ذهب إليه قد وافقه عليه: فلان وفلان، والأستاذ أحمد أمين بكتاب أرسله إليه.

وانتظرنا من الأستاذ أن يكذب هذا الأتهام الفظيع الذي نسبه إليه تلميذ الشيوعيين فلم يفعل، بل قرئ له في بعض المجلات الأسبوعية ما يفيد تألمه مما حصل لصاحبه، وعد ذلك محاربة لحرية الرأي، وحجر عثرة قي سبيل البحوث العلمية الخالية من كل تعصب وهوى.

قال أحمد أمين: ويظهر أن الوضع في الأحاديث حدث في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - فحديث: "من كذب علي عامدًا متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار" يغلب على الظن أنه إنما قيل لحادثة زوِّر فيها على الرسول - صلى الله عليه وسلم -. اهـ.