للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما الإنتاج الحضاري في أوربا في عصر ظهور القوميات فسلك مسالك مختلفة أهم ما فيها اللغات العامية هي التي عبرت عن هذا الإنتاج الحضاري فكان لا بد من أن تثور القوميات الناشئة على السلطة الاسمية التي كانت تمثلها الكثلكة، في مؤسساتها وسلطانها، أما الإسلام فلم يكن له يومًا تلك المؤسسة الدنيوية المركزية الكهنوتية ولا احتكرت فيه التشريع جهة من الجهات وكانت له في المقابل لغة واحدة لجميع المسلمين. اهـ.

هذه هي الفوارق العميقة بين الإسلام والعروبة وبين المسيحية والغرب والقوميات التي عجز ساطع الحصري عن فهمهما حين حاول أن يطبق النموذج الغربي في العلاقة بين المسيحية والقوميات على الإسلام والعروبة.

ومن هنا كان فشله وسقوط نظريته وعجزها عن الاستجابة الحقيقية، على هذا النحو الذي كشف عنه وليام كليفلاند في كتابه عن ساطع الحصري.

ويقول كليفلاند: إن الإسلام لم ينقض العروبة بل أغناها وأمدها بكابحات حضارية جعلتها صفة وسمة خاصة بين الأمم، وأمكنها من أن ترث مهمة مقارعة الغرب التي حملها الفرس على عاتقهم عشرة قرون منذ ما قبل الإسكندر، وأصبحت هذه الحضارة الإسلامية عند العرب من سمات قوميتهم وملامحهم المميزة أيًّا كانت عقيدتهم الدينية.

وغاية ما يقول كليفلاند: أن التناقض الحاد بين القومية والكثلكة في أوربا لا نجد له مثيلاً في المجتمعات الإسلامية، وهذا هو سر موقف الحصري الجاف من الإسلام غير أن البعض يرى: أن ساطع الحصري انتقل من مفهوم الاتحاديين حول القومية الطورانية إلى العروبة أو نقل مفهوم الاتحاديين إلى العروبة أو حاول تقديم المفهوم العلماني الذي تجمع حول فكر الطورانية الذي قدمه أعداء الإسلام وأصحاب الولاء الغربي، حيث حاول تقديم هذا الفكر