للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العثماني الذي فقد السيطرة على بلاد الحرمين الشريفين، واتخذ من ذلك ستارًا لتنفيذ مخططات بريطانيا وفرنسا اللتين رأتا الوجود السعودي يشكل خطراً على مصالحهما، خصوصًا في الخليج العربي والبحر الأحمر (١).

وقد كان على رأس تلك الجيوش التي وجهها محمد علي ضباط فرنسيون وبعض النصارى (٢).

وقد سرَّت فرنسا بذلك العمل الحربي المدمر، وكذلك بريطانيا وأبلغت فرنسا محمد علي عن طريق قنصلها في القاهرة أنها ممنونة مما رأته من اقتداره عن نشر أعلام التمدن في البلاد الشرقية (٣)، ومن ذلك بالطبع ضرب الاتجاه السلفي في الجزيرة العربية.

أما تغريب العالم الإسلامي فقد عمل محمد علي على تحقيقه بفرض سياستين تغريبيتين، كانت الأولى تقضي بابتعاث الطلاب الشبان وإرسالهم إلى أوربا ليتعلموا هناك.

وكان هذا -كما يقول الشيخ محمد قطب- أخطر ما فعله في الحقيقة .. لأنه من هناك بدأ "الخط العلماني" يدخل ساحة التعليم، ومن ورائه ساحة الحياة في مصر الإسلامية (٤)، وقد كان من هؤلاء المبتعثين الشيخ رفاعة رافع الطهطاوي إمام إحدى البعثات وشيخها، والذي عاد حاصلاً معه بذور التغريب والعلمنة كالدعوة إلى تحرير المرأة، وأخذ يسهم في زعزعة عقيدة الولاء والبراء بإغراقه في مديح أوربا الكافرة والثناء عليها في كتب كثيرة لعل من أبرزها كتابه في مدح باريس (٥) والذي قيل إنه أهداه إلى محمد


(١) قراءة جديدة في "تاريخ العثمانيين" (ص ١٨٩).
(٢) المصدر السابق (ص ١٨٧).
(٣) "الخطط التوفيقية" (١٠/ ١٧٧) لعلي باشا مبارك. دار الكتب. الطبعة الثانية ١٩٦٩ م.
(٤) "واقعنا المعاصر" (ص ٢٠٧).
(٥) المصدر السابق (ص ٢٠٩).