للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذه الرواية عندما قدمها في محاضرة له في أمستدردام، وتبين أن كثيرين من

المستشرقين أولوها اهتمامهم (ساسون سوفيج، وفايكونيس). وتساءل

أحدهم. هل ينكر نجيب محفوظ وجود الله في قوله: أن الميتافيزيقيا تتراجع

أمام الضرورات الأرضية، ويرى الآخرون أن هذا هو أهم مراحل التطور

العلماني في الكتابات العربية الموالية للتغريب وأن هذه القصة مساهمة طيبة

في هذا المجال.

" وقد وُوجه نجيب محفوظ بنقد صريح من الباحثين في مجال القصة

والأدب العربي المعاصر فيقول أحمد محمد عبد الله: إن نجيب محفوظ روائي

مشهور حاز مرتبة فى هذه الناحية، نقل للناس كثيرًا من الخرافات والأكاذيب

وقليلاً من الصدق والوضوح، حتى الوضوح لا تتضح فيه الرؤية تمامًا فعليها

من الغشاوة ما عليها، وقد بحثت عن خيال للفضيلة فيما يسطر فوجدت أن

الحقيقة ترفس رفسًا وأن الفضيلة ما وجدت إلا لينال منها أو يسخر بها،

وعرفت أن الهالة التي تُبنى حول هؤلاء إنما هي من قبيل البروز للكاتب

والمكتوب معه، إن نجيب محفوظ يمثل جزءا من قتامة التفكير في عالمنا العربي

والإسلامي فما كان ينتظر منه وهو الذي نال شهرة واسعة أن يكون قائد

الميدان نحو الانحدار، وما عهدنا رجلاً حمل المشعل وسار به إلا وتقاذفه

السفهاء من كل جانب ليطفئوا مشعله فلربما سقط وحمل المشعل آخرون

والمسيرة باقية، وأما الذي يرفع صوت الشيطان وصورته فنجد سياجًا من

الفوضى والبربرية تحيط به تملأ الدنيا صراخا وتصفيقًا وتصفيرًا.

وقد برز نجيب محفوظ في رواياته بصورة الرجل الشاك في كل قيمه،

المتذبذب في كل فكره، الضائع في كل واد، المتحدي لعقيدة الأمة، والمتجه

ناحية المشارب الأخرى يعب منها حتى يطفح فيفيض ما عليه على غيره

وينتكس بعد ذلك إلى غيره " (١).


(١) "الصحافة والأقلام المسمومة" (ص ١٨٩ - ١٩٦).