للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

احتلال الجزائر وهو: "ثقوا أن قراري .. لا ينبع من عاطفة دينية فأنتم تعرفونني وتعلمون أنني متحرر من هذه الاعتبارات التي يتقيد بها قومي .. وقد تقولون أن مواطني حمير وثيران وهذه حقيقة أعلمها" (١).

وقد كان محمد علي باشا متواطئًا مع الفرنسيين عند احتلالهم للجزائر، حتى لقد هم -بعد أن جاءته الأوامر بالطبع! - أن يقوم بنفسه باحتلال الجزائر خدمة للفرنسيين وعملاً لحسابهم الخاص إلا أن أسياده رفضوا تلك الفكرة التي تهيج المسلمين وتثيرهم بعد أن ينكشف أمر عميلهم؛ لذا بادروا إلى إلغائها، واكتفى محمد علي بتزويد الفرنسيين في الجزائر بالغلال (٢).

ويذهب الدكتور سليمان الغنام إلى أن بريطانيا لما علمت بعزم محمد علي ثارت ثائرتها وهددته بنسف أسطوله إن هو فكر في ذلك (٣).

ْوبعد فهذه وقفة متأنية مع واحد ممن حكموا المسلمين فترة طويلة وعملوا على القضاء على مظاهر هذه العقيدة بشكل مباشر تمثل في سياسة العسف والإرهاب. وبشكل غير مباشر اتخذ التغريب له مسارًا، وإن كان الشكل الثاني كانت له آثار بعيدة المدى، على عكس الأول الذي ما زاد هذه العقيدة في نفوس المسلمين إلا رسوخًا. واستحق بذلك جد الأسرة العلوية أن يكون رائد التغريب الأول في العالم الإسلامي، وعلى رأس من لجوا في موالاة الكافرين، وأمعنوا في اتباعهم، وسعوا في تقويض هذه العقيدة العظيمة بكل ما أوتوه من وسائل القوة التي كانوا يملكونها.


(١) "قراءة جديدة في سياسة محمد علي باشا التوسعية" (ص ٨٤) للدكتور سليمان الغنام دار تهامة، سنة ١٩٨٠ م، ط الأولى، وذلك الإسفاف في التعبير يفوق أي تعليق.
(٢) "الشرق الإسلامي" (ص ٣١١).
(٣) "قراءة جديدة في سياسة محمد علي باشا" (ص ٨٤).