كل من تعود البحث العلمي وعرف ما في القرآن الكريم واطلع على كتاب "الفن القصصي" لا يشك في أنه بعيد كل البعد عن التفكير العلمي، لما فيه من خبط وخلط كثير، جرى فيه صاحبه خلف قساوسة المستشرقين أمثال روديل ومرجليوث حتى بلغ به الأمر أنه لم يدرك ما هنالك من تناقض، بين نسبة القرآن إلى الحق تبارك وتعالى، والحكم على قصص القرآن الكريم أن أكثره غير صحيح.
وإذا كان البعض لا يرى في هذا الحكم كفرًا ولا شبه كفر فلعله يرى على الأقل أنه تفكير يؤدي إلى جواز الجهل والكذب على الله جل شأنه وهو تفكير لا يمكن بوجه من الوجوه أن يمت إلى التفكير الصحيح، إنه تفكير لا يستقيم إلا على فرض أن القرآن من عند محمد - صلى الله عليه وسلم - لا من عند الله كما يقول قساوسة المستشرقين.
خامسًا: الأستاذ أحمد الشايب:
إن مشروع الرسالة حين تقدم إلى كلية الآداب سنة ١٩٤٧ رفضت لجنة الفحص تقديمه للمناقشة وأسقطته لأسباب دينية خلقية، ويكفي أن أشير بغاية الإيجاز إلى أن الرسالة تقيس القصص القرآني بمقاييس ليست وثيقة ولا مقررة؛ فإن خالف القرآن تلك المقاييس كان عند أصحابها كذبًا وافتراء على التاريخ، أو كان نوعًا من ذلك الفن الأدبي الذي لا يلتزم بالواقع التاريخي ولا الصدق العقلي؛ وإنما يخضع في تأليفه لهذه الحرية الفنية التي يخضع لها كل فنان موهوب.
وتطبيقًا لهذه القاعدة صار القرآن الكريم "في رأي صاحب الرسالة":
يتقول على اليهود وينطقهم بما لم ينطقوا به، ويتقول أمورا لن تحدث، ويقرر أمرًا خرافيًا أو أسطوريًا، ثم يعود فيقرر نقيضه، ويغير الواقع ويبدل، ويزيد