- وقال: والاعتراض الثاني هو نتيجة للاعتراض الأول ومترتب عليه هو أن الطالبة قد وقعت في أخطاء فادحة نتيجة للجهل ونتيجة للتعرض لما لا تعرفه، وهي أخطاء تمسّ العقيدة، بل تهدم الأساس الأصيل الذي يقوم عليه الإسلام، وتؤذي إيمان المؤمنين في أعز ما يعتزون به وهو القرآن، وذلك بما زعمته الطالبة وأكدته في أكثر من موضع من أن القرآن الذي يتعبد به المسلمون ليس منزلاً من عند الله، أو هو منزل من عند الله بمعناه لا بلفظه، وهو ما لم يجرؤ أحد من المسلمين على القول به، بل ما لم يجرؤ الملاحدة على الجهر به في وطن إسلامي.
زعمت الطالبة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يغيِّر ويبدِّل في النص القرآني، فجاء في (ص ٨ س ٨): ولما كان الرسول يفعل ذلك في أحاديثه العامة معهم، فمن الأولى أن يفعله في الأمر الأهم الذي أتوه من أجله من الطبيعي أن يستبدل في النص القرآني لفظة بأخرى يعلم أنها أكثر شيوعًا في تلك البيئة، أو يرى أنها تحمل شحنات من المعاني تفهم الفكرة أكثر، أو أن يغير في نظام الجملة ليجعلها أكثر وضوحًا، أو ليكسبها بلاغة أكثر في نظر القوم الذين يقرأ أمامهم؛ بل قد زعمت الطالبة أن النص القرآني لم يتعرّض للتغير والتبديل على أيدي المسلمين الأولين من الصحابة؛ لأن القرآن في زعمها ليس منزلاً من عند الله بلفظه، ولكنه منزّل بمعناه، فجاء في (ص ١٠ س ٤):
"ويبدو لي الأمر على النحو التالي: حين نزل القرآن في أول عهده، كان الهدف الأول للمسلمين نشر الدعوة الإسلامية، وطبيعي أن يتركز الاهتمام على الفكرة وأن ينشغل بها الجميع. فكان الرسول يقرأ النص ويغير فيه حسب الظروف، فيسمح لمن يقرأ عليه بقدر من المخالفة. وكذلك الأمر فيما يتعلّق بالأداء".