توجه جبران إلى الأساطير والميثولوجيا، وكانت التوراة في ترجمتها العربية هي المكون الأول لأسلوبه الكتابي، وكانت التوراة قد ترجمت باللغة العامية، فلما التزم بها المهجريون لم يستطيعوا إعطاء الأسلوب العربي حقه من البلاغة، ومن أجل قصورهم هذا هاجموا الأسلوب البليغ، وماتت الأم وسلطانة وبطرس بنفس الداء، وبقيت مريانا تخيط الثياب لتطعمه، وكان جبران مريضًا فقد تزاحمت عليه الأمراض وحملت رسائله صراخًا عاليًا منذ وقت مبكر في حسابه بما داهمه من الأمراض، القلب يسارع في الوجيب، تسمم في المعدة، داء النقرس، الأنفاس تتفتق بها الرئتان ومثل هذه الشخصية بتلك الوراثيات والتكوين الاجتماعي، هي شخصية مهزوزة مريضه عقليًا واجتماعيًا وجسديًا، ولا تصلح بتكوينها ولا بعقائدها؛ لأن تأخذ مكان الصدارة أو التوجيه فيه، وإنما هو الغرور الذي صور له عندما كتب كتابه "النبي" أنه هو النبي نفسه وقد استنكر ميخائيل نعيمه، أن يصور جبران نفسه نبيًا ولو تحت نقاب من التمويه الفني، وليس يسع أحدًا إلا أن يستكثر هذا الشطط، غير أن حياة جبران تفسره وتجعله غير مستغرب من مثله وإن كان في ذاته مما يستهين على حد تعبير المازني الذي يقول:"إن جبران كان يشعر في سريرته بنقص ويتمرد عليه".
- ومن اهتزاز شخصية جبران، أنه كان يدعي أنه حاز شهادة الأمتياز من كليه الفنون الفرنسية، وسُمي عضوًا في جمعية الفنون الفرنسية، ونال عضوية الشرف في جمعية المصورين الإنجليزية، بينما لم ينل شيئًا من كل هذا، ويرى ناقدوه أنه يناقض نفسه في الإعلان بهذه الأكاذيب، بينما يدعي أنه يكره التقاليد التي يحرص عليها الناس؛ فإذا هو أشد منهم تهالكًا ولما فتن بالفليسوف (نيتشه) ظهر هذا الأفتتان في كتابه "النبي" الذي قلد فيه أسلوب (نيتشه) في كتابه "هكذا تكلم زرادشت" وقد بلغ أثر نيتشه في نفسه أنه صار يخجل من أن يكون مسقط رأسه بلدة صغيرة (بشرى) في بلد صغير (لبنان)،