فضل للعربي على العجمي ولا للعجمي على العربي، كلكم أبناء آدم"، حينئذ ارتفع التمايز وتساوى الناس، ولكن مع ذلك بقيت في بعض الناس من كلا الطرفين حزازات كامنة في صدورهم، كانت سببًا لحدوث حزبين متكاملين يسمى أحدهما: الشعوبية: وهي التي تحتقر العرب وترميهم بكل معيبة، والثاني "المتعصبون" للعرب وقد عقد ابن عبد ربه في كتابه "العقد الفريد" بابًا في حجج كل من الطرفين وصدر هذه الأقوال بقوله: (قال أصحاب العصبية من العرب) وأنت تعلم أن هذه العصبية ليست كل العرب ولا أكثرها ولا عشر معشارها، فهؤلاء شرذمة مغمورون في الناس، ولكن المؤلف ما اقتنع بذلك، بل ربما نسب قول رجل معين معلوم الاسم إلى العرب عامة.
- وقد مضى جرجي زيدان في دعواه متابعًا كتابات المستشرقين في اتهام العرب بانتقاص الموالي، فقال: إنهم منعوهم من المناصب الدينية المهمة (الجزء الرابع ص ٦).
- فقال الشيخ النعماني: إن البلاد التي كانت عواصم الأقاليم وقواعدها في عصر بني أمية كان كل أئمتها من الموالي ففي مكة عطاء، وفي اليمن طاووس، وفي الشام مكحول، وفي مصر يزيد بن أبي حبيب، وفي خراسان ضحاك بن مزاحم، وفي البصرة الحسن البصري، ومع كونهم أعجامًا وكونهم أولاد الإماء، كانوا سادة الناس وقادتهم تذعن لهم العرب ويحترمهم خلفاء بني أمية وولاة الأمور، وقد عالج هذه النقطة بما عرض مطولاً بما يؤكد أن الموالي كانوا في أيام بني أمية بأعلى محل الشرف والمكانة وأن كل ما أورده جرجي زيدان وسابقوه من المستشرقين افتئات ظاهر وتجن وظلم.
استند جرجي زيدان على نص حاول فيه الادعاء بأن عمال بني أمية كانوا يفرضون نوعًا من الجور والشدة، يقول: وإذا أتى أحدهم بالدراهم ليؤديها في خراجه يقطع الجابي منها طائفة، ويقول: هذا رواجها وصرفها