أسلمت نفسك لجلاد هو الليل والنهار، هو المال والجاه والأولاد واللذة والخوف والطمع واليأس والشك.
والحق أن هذا أمر يرثى له، أن يكون قارئ هذه المجلدات الضخمة على حافة الشك وعلى حدود الهاوية مع أنه لو اتجه نحو كتاب واحد من الكتب الأصيلة لوجد نفسه ولفهم نفسه، ولفهم مهمته في الحياة ولعرف رسالته الحقة ومسئوليته وأمانة القلم والجزاء الأخروي ولاستطاع أن يقدم خيراً كثيرًا لعل الله يغفر به تلك الصفحات السوداء التي قدمها لإثارة الشكوك في العقيدة والتمزق النفسي خلال أكثر من عشرين عامًا.
لقد صدق أنيس منصور حين طلب حرق كتبه، وقال: إن حرصي على احتراق كتبي فلأنها لا تساوي شيئًا، فلا هي أشبعتني ولا هي روتني ولا أراحتني، ولذلك يجب أن تكون ترابًا أدوسها بترابي.
- وكان أنيس منصور قد تمنى أن يحرق جسده بعد موته مع هذه الكتب، وهذه نفحة بوذية خطيرة لا يمكن أن يقولها رجل يؤمن بالله واليوم الآخر، ولعل من أبرز أخطاء أنيس منصور متابعة الفكر التلمودي في القول بأن (الرب قد خلق العالم في ستة أيام واستراح في السابع) مع أن هذا المعنى يتعارض مع مفهوم أقل المسلمين ثقافة وفهمًا للإسلام وهو في هذا متابع لليهود (أعرف عدوك) كما أنه تابع المستشرقين في القول بأن فرعون هو الذي أخرج اليهود من مصر أيام موسى -عليه السلام- والعكس هو الصحيح؛ فإن اليهود بقيادة موسى خرجوا فارين بدينهم من ظلم فرعون، وأن فرعون هو الذي تابعهم ليقضي عليهم فنجوا وغرق فرعون، وأغرق الله قومه.