وإلى شعر أبي نواس وإلى مقامات الوهراني، وإلى كتاب "الروضة العطرة" وإلى قصور الملوك في فرنسا، إنها مليئة بأشكال وألوان من الجنس أكثر بكثير مما جاء في مؤلفات المركيز دي صاد، أما العصر الذي نعيش فيه فإنه عصر الإثارة الجنسية، عصر بلبلة العواطف وتقليب المشاعر وتضليلها، الأغاني المثيرة، والمجلات والأفلام كذلك، والرقص والانفجار.
ويحرص هؤلاء الكتاب أن يقدموا في الصحافة العربية نماذج مظلمة، لماذا يحرصون على تقديم هذه الوجوه الكالحة، والنفوس الشريرة المفعمة بالسوء والإثم، إن أحد هذه النماذج التي يقدمها أنيس منصور آندريه مالرو يقول: لقد انتحر جده، وأبوه أيضًا انتحر، وكان مالرو في الرابعة عشرة من عمره ولا يعرف ماذا جرى لأبيه كل ما عرفه أنه ابتلع كمية من السم، وخشي الأب وهو يترنح أن يظل في غيبوبة دون أن يموت فأطلق على نفسه الرصاص، وحزن مالرو على والده ولم يحزن على ما صار إليه أمر الأسرة، فالأسرة لا تهمه ولا هي رباط متين ولا هي علاقة إرادية، ولا هي أي شيء، وكل ما يربطه بالأب هو أنه نسخة من أبيه، وصورة هذا الأب تطارده في أخلاقه على شكل قط أسود مخيف، فهو هارب من أحلامه هارب من شعوره.
- هذه هي النماذج التي تقدمها الصحافة العربية في فترة النكبة والنكسة والهزيمة لأبناء الأمة العربية، ما قيمة هذا كله في أن يقدم للقارئ العربي، ألا يوجد لدى مالرو فكرة أو فكرتان إنسانيتان يمكن أن ينتفع بهما الناس، ولكن الهدف من الترجمة هو تقديم سموم الناس، لقد كان مالرو ملحدًا وكان فاسقًا فلأي شيء ننقل عنه إذا لم يكن لنا هدف (١).