أدهشت الصليبيين وأثارت إعجابهم بشجاعة صاحبها، ومهارته وقدرته حتى نظروا إليه على أنه جندي وقديس معًا" (١).
- قال عنه العماد الأصفهاني في وفيات سنة سبع وتسعين وخمسمائة وهي السنة التي مات فيها بهاء الدين قراقوش: "وفيها توفي الأمير بهاء الدين قراقوش، وهو من القدماء الكرماء، وشيوخ الدولة الكبراء، أمير الأسدية ومقدمها، وكريمها ومكرمها، ولم أر غيره خصيًا لم تقاومه الفحول، ولم يؤثر في مجال مأثراته المحول، وله في الفتوحات والغزوات مواقف معروفة ومنامات موصوفة وهو الذي احتاط على القصر حين استتبت على متوليه أسباب النصر، وذلك قبل موت العاضد بمدة.
ولما خُطِب لبني العباس بالديار المصرية، تسلم القصر بما فيه، واستظهر على أقارب العاضد وبنيه، وتولى عمارة الأسوار المحيطة بمصر والقاهرة، وأتى فيها بالعجائب الظاهرة وكان معاذ الالتجاء، وملاذ الارتجاء.
- ولما احتاج السلطان صلاح الدين إلى إقامة الجسور، وتطهير الترع، وتشييد القلاع والأسوار المحيطة بالبلاد لتقيها شر الغارات التي قد تأتي إليها من جانب الفرنج تارة، والشيعة المنبثين في بقاع كثيرة من العالم الإسلامي تارة أخرى لم يكن لهذه المشروعات العظيمة إلا الأمير قراقوش، ولعل أول ما قام به الأمير من ذلك قلعة الجبل، ثم قلعة المقس، وهي برج كبير بناه الأمير على النيل، وبنى بالقرب منه أبراجًا أخرى، ثم أقام سورًا عظيمًا على حافة الصحراء الغربية، واستغرق منه ذلك من عام ٥٦٧ هـ حتى ٥٦٩ هـ، ثم أمره السلطان صلاح الدين ببناء سور يحيط بالقاهرة وتم له ذلك، "وأمن
(١) ثلاث شخصيات في التاريخ: "ابن المقفع صلاح الدين قراقوش" للدكتور عبد اللطيف حمزة (ص ٣٩٦) الهيئة المصرية العامة للكتاب.