للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قد أحيا ميتًا أو اثنين أو ثلاثة، فقد أحييت يا سيادة الرئيس مائة مليون عربي، وإذا كان موسى - عليه السلام - قد ضرب بعصاه البحر فشقّ فيه طريقًا يبسًا، فقد صنعت بالسد العالي أكثر مما صنع موسى، وكان أن رُقِّي المتحدث بعد ذلك فعُيِّن وزيرًا للثقافة" (١).

كان مقال هيكل الأسبوعي "بصراحة" والذي كان يُنشر في الأهرام يوم الجمعة يلف ويدور حول معاني منها "سنحارب إسرائيل ومن هم وراء إسرائيل" "إن لم يعجب أمريكا أن تشرب من البحر الأبيض فأمامها البحر الأحمر" لن نسمح لأحد أن يجرنا إلى المعركة وسنحدد نحن يوم المعركة، ومن فاتته قراءة المقال في الأهرام فما عليه إلا أن يدير مفتاح المذياع ليستمع إليه من إذاعة إسرائيل، ومن العجيب أن التشويش على إذاعة إسرائيل كان يتوقف أثناء إذاعة حديث هيكل؛ لأن أحاديث عبد الناصر إلى الغرائز لم تكن قاصرة على الشعب المصري، وإنما يعني عبد الناصر أن تصل إلى كل عربي، وإذاعة إسرائيل تساهم بنصيب نشيط في هذا المجال، ومع الفارق، فالناصرية تخاطب به غزائر المغلوبين على أمرهم من المصريين والعرب، وإسرائيل تخاطب به عقول المتعاطفين معها، وقادة الدول العظمى، ولا تمل من إسماعهم تهديدات الزعيم لإسرائيل ومن هم وراء إسرائيل، ولسان حالهم يقول: "احذروا هتلر الجديد".

أكبر جريمة ارتكبتها الناصرية هي الديكتاتورية، وكان غلو الناصرية في الديكتاتورية، وتسخيرها السلطة العمياء في هدم الشرفاء والتنكيل بهم أول طريق الضياع صوب هيكل سهامه ضد ديكتاتورية السادات ونسي صاحبه (٢) ديكتاتورية عبد الناصر لا تحتاج إلى دليل ولقد موّه الإعلام الناصري وعلى


(١) "الذين طغوا في البلاد" لمحمد عبد الله السمان (ص ١٢٦) - الكلمة الطيبة.
(٢) "تذكير الحكّام بأيام الله" للدكتور جابر الحاج (ص ٢٧ - ٢٨) - دار الاعتصام.