وخطأ عظيم ومنكر ظاهر وجاهلية نكراء وكيد سافر للإسلام وأهله، وذلك لوجوه:
الوجه الأول: إن الدعوة إلى القومية العربية تفرّق بين المسلمين، وتفصل المسلم العجمي عن أخيه العربي، وتفرّق بين العرب أنفسهم لأنهم كلهم ليسوا يرتضونها، وإنما يرضاها منهم قوم دون قوم، وكل فكرة تقسم المسلمين وتجعلهم أحزابًا، فكرة باطلة، تخالف مقاصد الإسلام وما يرمي إليه، وذلك لأنه يدعو إلى الاجتماع والوئام والتواصي بالحق والتعاون على البر والتقوي كما يدل على ذلك قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٠٢) وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}.
الوجه الثاني: أن الإسلام نهى عن دعوى الجاهلية وحذّر منها وأبدى في ذلك وأعاد في نصوص كثيرة، بل قد جاءت النصوص تنهى عن جميع أخلاق الجاهلية وأعمالهم إلا ما أقره الإسلام من ذلك ولا ريب أن الدعوة إلى القومية العربية من أمر الجاهلية، لأنها دعوة إلى غير الإسلام ومناصرة لغير الحق، وكم جرّت دعوى الجاهلية على أهلها من ويلات وحروب طاحنة وقودها النفوس والأموال والأعراض، وعاقبتها تمزيق الشمل وغرس العداوة