للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجهاد في الإسلام فيما يسمونه اليوم: "الحرب الدفاعية" .. والجهاد في الإسلام أمر آخر لا علاقة له بحروب الناس اليوم، ولا بواعثها، ولا تكييفها كذلك .. إن بواعث الجهاد في الإسلام ينبغي تلمسها في طبيعة "الإسلام" ذاته ودوره في هذه الأرض، وأهدافه العليا التي قررها الله، وذكر الله أنه أرسل من أجلها هذا الرسول بهذه الرسالة، وجعله خاتم النبيين وجعلها خاتمة الرسالات.

إن هذا الدين إعلان عام لتحرير "الإنسان" في "الأرض" من العبودية للعباد -ومن العبودية لهواه أيضًا وهي من العبودية للعباد- وذلك بإعلان ألوهية الله وحده -سبحانه- وربوبيته للعالمين .. ! إن إعلان ربوبية الله وحده للعالمين معناها: الثورة الشاملة على حاكمية البشر في كل صورها وأشكالها وأنظمتها وأوضاعها، والتمرد الكامل على كل وضع في أرجاء الأرض، الحكم فيه للبشر بصورة من الصور .. أو بتعبير آخر مرادف: الألوهية فيه للبشر في صورة من الصور .. ذلك أن الحكم الذي مردّ الأمر فيه إلى البشر.

ومصدر السلطات فيه هم البشر. هو تأليه للبشر، يجعل بعضهم لبعض أربابًا من دون الله. إن هذا الإعلان معناه انتزاع سلطان الله المغتصب ورده إلى الله، وطرد المغتصبين له، الذين يحكمون الناس بشرائع من عند أنفسهم، فيقومون منهم مقام الأرباب ويقوم الناس منهم مكان العبيد .. إن معناه تحطيم مملكة البشر لإقامة مملكة الله في الأرض، أو بالتعبير القرآني الكريم: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ}.

{إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ... } .. " (١).


(١) انظر "معالم في الطريق" لسيد قطب (ص ٦٦ - ٩١)، و"افتراءات حول غايات الجهاد" لمحمد نعيم ياسين - دار الأرقم الكويت.