للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لم يكن مذهب السلف الجبر أبدًا بل شنعوا على أهله وذموهم أكثر مما ذمهم الدكتور وشيوخه. قال صاحب "الطحاوية" في بيان مذهب أهل السنة في القدر: "منشأ الضلال: من التسوية بين: المشيئة، والإرادة، وبين: المحبة، والرضا، فسوّى الجبرية والقدرية، ثم اختلفوا.

فقالت الجبرية: الكون كله بقضائه وقدره، فيكون محبوبًا مرضيًا. وقال القدرية النفاة: ليست المعاصي محبوبة لله ولا مرضية له، فليست مقدَّرة ولا مقضية، فهي خارجة عن مشيئته وخلقه.

وقد دل على الفرق بين: المشيئة، والمحبة. الكتابُ والسنةُ والفطرةُ الصحيحة. أما نصوص المشيئة والإرادة من الكتاب، فقد تقدم ذكر بعضها.

وأما نصوص المحبة والرضا فقال تعالى: {لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ}، {وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ}.

* وقال تعالى عقيب ما نهى عنه من الشرك والظلم والفواحش والكبر: {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا}.

• وفي "الصحيح" عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله كره لكم ثلاثًا: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال".

• وفي "المسند": إن الله يحب أن يؤخذ برخصه، كما يكره أن تؤتي معصيته وكان من دعائه: "اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك". فتأمل ذكر استعاذته بصفة الرضا من صفة السخط، وبفعل المعافاة من فعل العقوبة. فالأول: الصفة، والثاني: أثرها المرتب عليها، ثم ربط ذلك بذاته سبحانه، وأن ذلك كله راجع إليه وحده لا إلى غيره، فما أعوذ منه فى واقع بمشيئتك وإرادتك، وما أعوذ به من رضاك ومعافاتك هو بمشيئتك وإرادتك، إن شئت أن ترضى عن عبدك وتعافيه، وإن