للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معهم في أصل آخر هو المنزلة بين المنزلتين وفي قضايا أخرى مثل قضية تجريد السيف والخروج المسلح ضد بني أمية .. وعلى ضوء هذه الحقيقة نفهم ذكر المعتزلة للحسن في الطبقة الثالثة من طبقات رجالهم ونفهم قول الذين أرخوا لفرق المعتزلة عندما يذكرون (فرقة الحسنية) -نسبة للحسن- كإحدى فرق المعتزلة" "الإسلام وفلسفة الحكم" (١٦٠).

- قلت: ابتلي الحسن -رحمه الله- بطائفتين من أهل البدع كلتيهما تجعله أصلاً لبدعتها .. الطائفة الأولى هي (المعتزلة) كما ذكر الدكتور والطائفة الثانية هم (الصوفية) .. قال الصوفي الشعراني في كتاب "اليواقيت والجواهر في بيان عقائد الأكابر": "وقد كان الحسن البصري وكذلك الجنيد والشبلي وغيرهم لا يقررون علم التوحيد إلا في قعور بيوتهم بعد غلق أبوابهم وجعل مفاتيحها تحت وركهم ويقولون: أتحبون أن ترمى الصحابة والتابعون الذين أخذنا عنهم هذا العلم بالزندقة بهتانًا وظلمًا" (١).

وكل يدعي وصلاً (بحسن) ... و (حسن) لا يقر لهم بذاك

بل يقر -رحمه الله- لأهل السنة. لأنه أحد رموزهم الأكابر ولكنه جمع بين العلم والزهد والكلام (الحسن) فظنت كل طائفة أنه يعنيها وأما اتهامه بالقدر فتهمه قد براه الله منها قال ابن سيرين: "كانوا يأتون الشيخ -يعني الحسن- بكلام مجمل لو فسروه له لساءهم" (٢).

- وقال أبو سعيد الأعرابي: "كان يجلس إلى الحسن طائفة من هؤلاء فيتكلم في الخصوص حتى نسبته القدرية إلى الجبر وتكلم في الاكتساب حتى نسبته السنة إلى القدر كل ذلك لافتنانه وتفاوت الناس عنده وتفاوتهم في


(١) "الكشف عن حقيقة الصوفية" لمحمود قاسم (ص ٨٥).
(٢) "السير" (٤/ ٥٨٢).