وأما أهل السنة والسلفيون من الأئمة فقد ردوا هذا اللقب ولم يقبلوا إطلاقه عليهم؛ لأنه من الألقاب التي يقصد بها التنفير عن الحق. كما قال الشاعر.
تقول ذا جنى النحل تمدحه ... وإِن شئت قلت ذا قيء الزنابير
مدحًا وذمًا ما جاوزت وصفهما ... والحق قد يعتريه سوء تعبير
- قال ابن القيم:"هكذا شأن كل مبتدع وملحد، وهذا ميراث من تسمية كفار قريش لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه الصبأة، وصار هذا ميراثًا منهم، لكل مبطل وملحد ومبتدع، يلقب الحق وأهله بالألقاب الشنيعة المنفرة.
وإذا قالوا: حشوية، صوروا في ذهن السامع قومًا قد حشوا في الدين ما ليس منه، وأدخلوه فيه، وهو حشو لا أصل له. فتنفر القلوب من هذه الألقاب وأهلها، ولو ذكروا حقيقة قولهم، لما قبلت العقول السليمة، والفطر المستقيمة سواه والله يعلم وملائكته ورسله وهم أيضًا أنهم براء من هذه المعاني الباطلة. وأنهم أبعد الخلق منها، وأن خصومهم جمعوا بين أذى الله ورسوله، بتعطيل صفاته، وبين أذى المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقعدوا تحت قوله: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا (٥٧) وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} (١).
وقال في موضع آخر: "ما ذنب أهل السنة والحديث إذا نطقوا بما نطقت به النصوص وأمسكوا عما أمسكت عنه ووصفوا الله بما وصف به نفسه ووصفه رسوله وردوا تأويل الجاهلين وانتحال المبطلين الذين عندوا ألوية الفتنة