للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن القرآن يقرر بعض المبادئ والأحكام العامة في التشريع، ولكن القرآن ليس مدون في قانون، فغرضه الأساسي هو أن يبعث في نفس الإنسان أسمى مراتب الشعور بما بينه وبين الله وبينه وبين الكون من صلات. على أن الأمر الجدير بالملاحظة في هذا الصدد هو أن القرآن يعتبر الكون متغيرًا، ومن الواضح الجلي أن القرآن بما له من هذه النظرة لا يمكن أن يكون خصمًا للتطور، وأن المبادئ التشريعية في القرآن رحبة واسعة وأبعد ما تكون عن سد الطريق على التفكير الإنساني والنشاط التشريعي، وأن الرعيل الأول من الفقهاء اعتمدوا على هذه المبادئ واستنبطوا عددًا من النظم التشريعية، على أن مذهبهم مع إحاطتها وشمولها ليست إلا تفسيرات فردية، وهم لم يزعموا أبدًا أن تفسيرهم للأمور واستنباطهم للأحكام هو آخر كلمة تقال فيها، وبما أن الأحوال قد تغيرت والعالم الإسلامي يتأثر اليوم بما يواجهه من قوى جديدة، فالرأي عنده "أن ما ينادي به الجيل الحاضر من أحرار الفكر في الإسلام من تفسير أصول المبادئ التشريعية تفسيرًا جديدًا، على ضوء تجاربهم وعلى هدي ما تقلب على حياة العصر من أحوال متغايرة هو رأى له ما يسوغه كل التسويغ".

ثم ينتقل إلى أحاديث الرسول المصطفى - صلى الله عليه وسلم - التي هي الأصل الثاني العظيم للشريعة، وينقل رأي المستشرق جولد زهير بأن إخضاع الأحاديث للفحص الدقيق على ضوء القوانين المستحدثة في النقد التاريخي، يظهر أنها في جملتها لا يوثق بصحتها ..

ثم يتناول بالبحث مسألة يعتبرها هامة، وهي أن الفرق بين الأحاديث التي تتضمن أحكامًا تشريعية والأحاديث التي ليس لها طابع تشريعي .. وحتى السنّة التشريعية يرى أن يبحث عن مدى ما تضمنته من عادات كانت للعرب قبل الإسلام، فتركها الإسلام دون تغيير، وأخرى أدخل فيها النبي