للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المتقدمين لكان ذلك فتحًا لباب الفتنة والفساد، فيأخذ كل متبع لهواه أو عميل لأعداء الإسلام يدعي لنفسه حق الاجتهاد ويبدي رأيه الفاسد باسم الاجتهاد والإصلاح، ويصير الدين عرضة للأهواء والفتن. فلا بد من الإصرار على توفر شروط الفقهاء عند من يدعي الاجتهاد. فالعودة إلى الاجتهاد مطلوبة، ولكن بنفس الشروط وبنفس الروح التي اجتهد بها فقهاؤنا القدامى الكبار.

ثالثًا: ما يراه إقبال حول السنة من أن بعضها ذو صفة عامة في تطبيقها والأخرى ليست كذلك، وحول الأمور التي أبقاها الإسلام دون تغيير، من تقاليد الجاهلية وكونها تعتبر تشريعًا أم أمورًا محلية، فهذا رأي خطير يفتح المجال للفتنة والفوضى والفساد؛ لأن كل شيء لم يغيره الإسلام من تقاليد الجاهلية عاد إِسلاميًّا مصطبغًا بصبغة الإسلام، فإن الشريعة التي تركها لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إسلامية من أولها إلى آخرها. فإذا فتح المجال للتفرقة بين أمور الشريعة بأن بعضها من عادات العرب وتقاليد الجاهلية والأخرى ذات طابع إسلامي وأن بعضها ذو طبيعة وقتية وبعضها الآخر ذو صفة دائمة، يكون ذلك مدخلاً للفتن والأهواء والفساد على ما هو واضح فإنه لا يمكن وضع حد لهذا التمييز والتفرقة.

رابعًا: ردد إقبال ضمن هذا الباب غير مرة، كلمة الجمهورية والديمقراطية الروحية، فإذا كان قصده بذلك التآخي والتعاون الإسلامي وتشاور علماء الإسلام في أمور دينهم ودنياهم لكان من الأفضل أن يستخدم لذلك لفظ الشورى؛ لأن الشورى لها أصل ومكانة في الإسلام، وإذا قصد به تقليد أساليب الغرب في التقنين ووضع الأنظمة فذلك شيء ليس له مجال في الإسلام، فإن البشر ليس لهم حق في وضع القوانين. "هما بلغ عددهم ومهما تطورت علومهم.

وقد عارض هذه الفكرة إقبال نفسه وفندها في معظم شعره ومؤلفاته