للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعقوب، الذي أسهب الجبرتي في الحديث عنه، وعن خيانته لوطنه .. يذكر الجبرتي في حوادث سنة ١٥٢١ هجرية (١٨٠٠ - ١٨٠١ م) أن "يعقوب القبطي لما تظاهر مع الفرنساوية، وجعلوه ساري عسكر الضبطة، جمع شبان القبط وحلق لحاهم، وزياهم بزي مشابه لعسكر الفرنساوية، مميزين عنهم بقبع يلبسونه على رءوسهم، مشابه لشكل البرنيطة، وعليها قطعة فروة سوداء من جلد الغنم .. في غاية البشاعة! وصيرهم عسكره وعزوته، وجمعهم من أقصى الصعيد وهدم الأماكن المجاورة لحارة النصارى -التي هو ساكن بها- خلف الجامع الأحمر، ربنى له قلعة، وسورها بسور عظيم وأبراج، وباب كبير يحيط به بدنات عظام. وكذلك بنى أبراجًا في ظاهر الحارة جهة بركة الأزبكية، وفي جميع السور المحيط والأبراج طيقانًا للمدافع وبنادق على هيئة سور مصر الذي رمّه الفرنساوية، ورتب على باب القلعة -الخارج والداخل- عدة من العسكر الملازبين للوقوف ليلاً ونهارًا، وبأيديهم البنادق على طريقة الفرنساوية" (١).

هذا هو المعلم يعقوب الذي أعدّ أول مشروع استقلال لمصر كما يرى لويس عوض أنه يكوّن فيلقًا عسكريًّا على الطريقة الفرنسية يتكون من شباب النصارى ويشيّد التحصينات والقلاع ليحارب!! يحارب من؟ يحارب الفرنسيّين أم غيرهم؟ لو حارب الفرنسيّين، فإن مشروعه الاستقلالي يصبح ذا موضوع، ولكن الجبرتي يقول إنه: "تظاهر مع الفرنساوية"، أي صار ظهيرًا لهم، أي واحدًا منهم، أي عدوًّا لشعبه ووطنه الذي يزعم لويس أنه يريد أن يحقق له الاستقلال!.

والجبرتي -كما يصفه عبد الرحمن الرافعي- كان يتحرى الصدق والدقة


(١) "المختار من تاريخ الجبرتي" اختيار محمد قنديل (ص ٤٢٤) - دار الشعب.