فواصل أو ترقيم، أو بداءة متميزة، مما يجعل القارئ يجد صعوبة في مطالعته أو الرجوع إليه.
أضف إلى ذلك: أنه قلما توجد لهذه الطبعات فهارس فيها شيء من التفصيل، رغم ما يمتاز به هذا الكتاب من كثرة الأبواب - إذ يغلب أن يجعل البخاري كل حديث بابا مستقلا يترجم له بعنوان - وهذا من شأنه أن يوقع طالب العلم والباحث في حرج ومشقة، عندما يحتاج أن يراجع حديثا في موضوع من المواضيع أو بحث من البحوث، لا سيما إذا لاحظنا ما يمتاز به البخاري في صحيحه، من تكرار للحديث في أبواب متعددة ومناسبات مختلفة، بل ربما أتى بالحديث في الباب لأقل مناسبة.
وهذه الصعوبة قد لمستها بنفسي وشعرت بها، حينما أردت أن أتقدم برسالتي في الفقه وأصوله، التي أعددتها لنيل درجة الدكتوراة من الجامعة الأزهرية في القاهرة - عام ١٣٩٣ هـ، ١٩٧٣ م (١) - وذلك أن رسالتي تحتوي على الكثير من الأحاديث، التي يحتج بها الفقهاء على ما قروره من أحكام في المسائل الفقهية التي أوردتها في أبحاث الرسالة، فكنت أجد كل الصعوبة عندما أبحث عن الحديث في صحيح البخاري، للملاحظات التي ذكرتها آنفا، وهذا ما جعلني أفكر بالقيام بعمل، أخدم فيه الإسلام والمسلمين، بخدمة هذا الكتاب العظيم الأهمية. وحفزني على التفكير جديا بهذا العمل أكثر فأكثر ما لمسته لدى غيري من طلاب العلم والباحثين، عندما كنت أشكو لهم ما أجد من عناء لدى مراجعتي هذا الكتاب، فكانوا يبثون إلي شكواهم بمثل ما أجد، وبعضهم يظهر أسفه لعزوفه عن هذا الكتاب الجليل القدر، وعدم الاستفادة منه، بسبب تلك الصعوبة التي يجدها في الرجوع إليه.
ولقد عزمت على القيام يتنفيذ ما فكرت فيه، وبدأت العمل بعون الله تعالى وتوفيقه، بعد أن انتهيت من مناقشة رسالتي ونلت الدكتوراة بفضل الله جلا وعلا، وتهيأت لي الأسباب. وشجعنى على الإقدام على ذلك إخوة لي ناصحون، وزملاء لي في البحث العلمي مجربون، وأعجبهم ذلك ووافق رغبة في نفوسهم. وبعد أن أنجزت جزءا من
(١) وقد طبعت هذه الرسالة لأول مرة عام - ١٤٠٠ هـ، ١٩٨٠ م - وموضوعها [أثر الأدلة المختلف فيها - مصادر التشريع التبعية - في الفقه الإسلامي] وتطبع الآن الطبعة الثانية