حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بن أبى حاتم، عَنِ الأصمعى، قَالَ: قَالَ يوما خلف لأصحابه: ما تقولون فِي بيت النابغة الجعدى:
كأن مقط شراسيفه ... إلى طرف القنب فالمنقب
لو كان موضع فالمنقب فالقهبلس، كيف كان يكون قوله:
لطمن بترس شديد الصفاق ... من الخشب الجوز لم يثقب؟
فقالوا لا نعلم، فقَالَ: والآبنس.
وقَالَ لهم مرة أخرى: ما تقولون فِي بيت النمر بن تولب:
ألم بصحبتى وهم هجود ... خيال طارق من أم حصن
لو كان موضع أم حصن من أم فحص، كيف كان يكون قوله: لها ما تشتهى عسل مصفى إذا شاءت وحوارى بسمن؟ قالوا لا نعلم، فقالوا: وحوارى بلمص، وهو الفالوذ قَالَ أَبُو بَكْرٍِ والقهبلس: ذكر الرجل، وقد يستعار لغيره وقَالَ محمد بن سلام فِي كتاب طبقات العلماء: كنا إذا سمعنا الشعر من أبي محرز لأبالي ألا نسمعه من قائله.
وقرأت عَلَى أَبِي بَكْرِ بن دريد لأبى كبير الهذلى:
وأخو الأباءة إذ رأى خلانه ... تلى شفاعاً حوله كالإذخر
الأباءة: الأجمة، يعنى: رجلا صار فِي أجمة.
وخلانه: أصحابه الذين يودهم.
وتلى: صرعى.
وشفاعا: اثنين اثننين، وهو جمع شفع.
وقوله: كالإذخر، قَالَ الأصمعى: لا تكاد تجد من الإذخر واحدة عَلَى حدة، إنما تجد الأرض مستحلسة منه، والمستحلسة: الكثيرة النبات، التى غطاها النبات أو كاد يغطيها، فشبه كثرة القتلى بالإذخر لذلك.
قَالَ الأصمعى: من أمثالهم: أهون هالكٍ عجوز فِي عام سنةٍ، مثل للشىء يستخف بهلاكه.
ويقَالَ: خله درج الضب، أى خله يذهب حيث شاء.
ويقَالَ لا يدرى المكروب كيف يأتمر يراد أن المكروب يغطى عليه الشأن فلا يدرى كيف ينفذ أمره.
ويقَالَ لا تعجب للعروس عام هدائها، يراد أن الرجل إذا استأنف أمره تجمل لك، ويقَالَ: ناب وقد تقطع الدوية، يراد أن المسن تبقى منه بقية ينتفع بها.
وقَالَ أَبُو زيد ومثل من الأمثال: الشر ألجأه إِلَى مخ العراقيب يُقَال ذلك عند مسألة اللئيم، أعطاك أو منعك.