فِي مكافأتي إخلاصك صدق الضمير، وكما لم نعرف الزيادة فِي العلا إذ جريت غاية طولك جهلنا غاية الثناء عليك، فليس لك من الناس إلا ما ألهموا من محبتك، فأنت كما وصف الواصف إذ يقول:
فما تعرف الأوهام غاية مدحه ... يقيناً كما ليست بغايته تدري
وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بن الأنبارى، قَالَ: حَدَّثَنِي أبي، عَنْ بعض أصحابه، قَالَ: وقّع جعفر بن يحيي بن خالد بن برمك، فِي كتاب صديق له: ما جاوزتني.
نعمة خصصت بها، ولا قصرت دوني ما كان بك محلّها.
قَالَ: ووقّع إِلَى عمرو بن مسعدة، إذا كان الإكثار أبلغ كان الإيجاز تقصيراً، وإذا كان الإيجاز كافياً كان الإكثار عيّاً
وحَدَّثَنَا أيضاً عَنْ أبيه، عَنْ أحمد بن عبيد، قَالَ: أَخْبَرَنَا العتبي، عَنْ أبيه، قَالَ: أتت رملة أنت معاوية مراغمة لزوجها عمرو بن عثمان بن عفّان، فقَالَ: مالك يا بنيّة؟ أطلّقك زوجك؟ قَالَت: لا، الكلب أضنّ بشحمته، ولكنه فاخرني، فكلما ذكر رجل من قومه ذكرت رجلاً من قومي، حتى عدّ ابني منه، فوددت أن بيني وبينه البحر الأخضر، فقال لها: يا بنية، آل أبي سفيان أقل حظاً في الرجال من أن تكوني رجلاً
وحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بن دريد، رحمه الله، قَالَ: أَخْبَرَنَا عبد الرحمن، عَنْ عمه، قَالَ: مر أعرابي برجل يكنى أبا الغمر، وكان ضخماً جسيماً، وكان بوابا لبعض الملوك، فقَالَ: أعَنِ الفقير الحسير، فقَالَ: ما ألحف سائلكم، وأكثر جائعكم! أراحنا الله منكم، فقَالَ له الأعرابي: لو فرّق قوت جسمك فِي جسوم عشرة منا لكفانا طعامك فِي يوم شهرا، وإنك لعظيم السرطة، شديد الضرطة، لو ذرّى بحبقتك بيدر لكفته ريح الجربياء
وحَدَّثَنَا أَبُو عبد الله نفطويه، قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بن موسى السامي، قَالَ: حَدَّثَنَا الأصمعيّ، قَالَ: دخل رجل من الأعراب عَلَى رجل من أهل الحضر فقَالَ له الحضريّ: هل لك أن أعلّمك سورة من كتاب الله؟ فقَالَ: إني أحسن من كتاب الله ما إن عملت به كفاني، قَالَ: وما تحسن؟ قَالَ: أحسن سوراً، قَالَ: اقرأ، فقرأ فاتحة الكتاب، وقل هو الله أحد، وإّنا أعطيناك الكوثر، فقَالَ له