الرجل: اقرأ السورتين، يريد المعوذتين،، فقَالَ: قدم عَلَى ابن عمّ لي فوهبتها له، ولست براجع فِي هبتي حتى ألقى الله
وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍِ، رحمه الله، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حاتم، عَنِ الأصمعى، قَالَ: سمع يونس رجلاً ينشد:
استودع العلم قرطاساً فضيّعه ... وبئس مستودع العلم القراطيس
قَالَ: قاتله الله! ما أشد صبابته بالعلم وصيانته للحفظ! إنّ علمك من روحك، ومالك من بدنك، فصن علمك صيانتك روحك، ومالك صيانتك بدنك
وقرأت عَلَى أَبِي بَكْرِ بن دريد، للنمر بن تولب:
أودى الشباب وحبّ الخالة الخلبه ... وقد برئت فما بالصدر من قلبه
وقد تثلّم أنيابي وأدركني ... قرن عَلَى شديد فاحش الغلبه
وقد رمي بسراه معتمداً ... فِي المنكبين وفي الساقين والرقبه
أود: ذهب وهلك.
والخالة جمع خائل، مثل بائع وباعة.
والخلبة جمع خالب، مثل كافر وكفرة، يخبر أنه شيخ قد ترك صحبة الشباب والفتيان، وهم الخالة الخلبة الذين يختالون فِي مشيتهم ويخلبون النساء.
ثم قَالَ: برئت، أي برئ الصدر من ودّهم والعلاقة بهم، فما به قلبه من ودّهم، يُقَال للإنسان وغيره من الحيوان: ما به قلبه، أي ما به وجع ولا مكره، وأصله من القلاب، قَالَ الأصمعيّ: القلاب: أن تصيب الغدّة القلب، فإذا أصابته لم يلبث البعير أن تقتله.
وقوله: وأدركني قرن: يعني الهرم.
وقوله: وقد رمى بسراه اليوم معتمداً فالسّرى جمع سرة، مثل رشوة ورشى، وهو نصل السهم إذا كان مدّوراً مدملكاً ولا عرض له، يريد أن الهرم قد رمى بسهامه فِي جميع جسده فأضغفه، كما قَالَ:
فِي المنكبين وفي الساقين والرقبة ...
وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حاتم، قَالَ: سمعت الأصمعيّ كثيراً ما يقول: من قعد به نسبه، نهض به أدبه
وأنشدنا أَبُو بَكْرِ بن دريد لخارجة بن فليح المللي:
أحنّ إِلَى ليلي وقد شط وليها ... كما حنّ محبوس عَنِ الإلف نازع
إذا خوّفتني النفس بالنأي تارة ... وبالصّرم منها أكذبتها المطامع
أكل أهواك الطّرف عَنْ كل بهجة ... وصمّت عَنِ الداعي سواك المسامع