أجود من يمينه، ولحرمانك أنفع من نداه، ولقليلك أكثر من كثيره، ولثمادك أغزر من غديره، ولكرسيك أرفع من سريره، ولجدولك أغمر من بحوره، وليومك أفضل من شهوره، ولشهرك أمد من حوله، ولحولك خير من حقبه، ولزندك أورى من زنده، ولجندك أعز من جنده، وإنك لمن غسان أرباب الملوك، وإنه لمن لخمٍ كثير النوك، فكيف أفضله عليك!
وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بن الأنبارى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو العباس أحمد بن يحيى النحوي، قَالَ: حَدَّثَنِي عبد الله بن شبيب، قَالَ: حَدَّثَنِي عبد الرحمن بن عبد الله الزهري، قَالَ: قَالَ معاوية: لقد وضعت رجلي فِي الركاب يوم صفين غير مرة، فما يمنعني من الانهزام إلا أبيات ابن الإطنابة:
أبت لي عفتي وأبى بلائي ... وأخذي الحمد بالثمن الربيح
وإعطائي عَلَى الإعدام مالي ... وضربي هامة البطل المشيح
وقولي كلما جشأت وجاشت ... رويدك تحمدي أو تستريحي
لأدفع عَنْ مآثر صالحاتٍ ... وأحمي بعد عَنْ عرضٍ صحيح
المشيح: المبادر المنكمش، ويقَالَ: بطل مشيح، أي حامل، وقَالَ الأصمعي: شايحت فِي لغة تميم وقيس: حاذرت، فِي لغة هذيل: جددت الأمر.
وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍِ، عَنْ أبي حاتم، عَنْ أبي زيد، عَنِ المفضل الضبيّ، قَالَ: كنت مع إبراهيم بن عبد الله بن الحسن صاحب أبي جعفر فِي اليوم الذي قتل فيه، فلما رأى البياض يقل والسواد يكثر قَالَ لي: يا مفضل، أنشدني شيئاً يهوّن عَلَى بعض ما أرى، فأنشدته:
ألا أيها الناهي فزارة بعدما ... أجدت لغزو إنما أنت حالم
أرى كل ذي تبلٍ يبيت بهمه ... ويمنع منه النوم إذ أنت نائم
قعوا وقعةً من يحي لم يخز بعدها ... وإن يخترم لم تتبعه الملاوم