قَالَ: فرأيته يتطالل عَلَى سرجه، ثم حمل حملة كانت آخر العهد به
وأنشدنا أَبُو عبد الله نفطويه، لأبى سعيد المخزومي:
من لي واللهو والغزل ... هيهات ما فات من أيامك الأول
طوى الجديدان ما قد كنت أنشره ... وأنكرتني ذوات الأعين النّجل
وقد نهاني النهي عنها وأدبني ... فلست أبكي عَلَى رسمٍ ولا طلل
مالي وللدمنة البوغاء أندبها ... وللمنازل من خوفٍ ومن ملل
متى ينال الفتى اليقظان همته ... إذ المقام بدار اللهو والغزل
فِي الخيل والخافقات السود لبرد الصبا ... لي شغلٌ ليس الصبابة والصهباء من شغلي
ما كان لي أمل فِي غير مكرمة ... والنفس مقرونة بالحرص والأمل
ذنبي إِلَى الخيل كرى فِي جوانبها ... إذا مشى الليث فيها مشى مختبل
ولي من الفيلق الجاواء غمرتها ... إذا تقحّمها الأبطال بالحيل
كم جأنبٍ خشنٍ صبّحت عارضه ... بعارضٍ للمنايا مسبل هطل
وغمرةٍ خضت أعلاها وأسفلها ... بالضرب والطعن بين البيض والأسل
سل الجرادة عني يوم تحملني ... هل فاتني بطلٌ أو خمت عَنْ بطل
وهل شآني إِلَى الغايات سابقها ... وهل فزعت إِلَى غير القنا الذبل
ما لي أرى ذمتي يستمطرون دمي ... ألست أولاهم بالقول والعمل
كيف السبيل إِلَى وردٍ خبعثنة ... طلائع الموت فِي أنيابه العصل
وما يريدون لولا الحين من ... أسدٍ بالليل مشتملٍ بالجمر مكتحل
لا يشرب الماء إلا من قليب ... دمٍ ولا يبيت له جارٌ عَلَى وجل
لولا الإمام ولولا حق طاعته ... لقد شربت دما أحلى من العسل