عشية قام النائحات وشققت ... جيوبٌ بأيدي مأتمٍ وخدود
فإن تمس مهجور الفناء فربّما ... أقام به بعد الوفود وفود
فإنك لم تبعد عَلَى متعهد ... بلى كل من تحت التراب بعيد
وأملى علينا أَبُو بَكْرِ بن الأنباري هذه القصيدة لجميل قَالَ: وقرأتها عَلَى أَبِي بَكْرِ بن دريد فِي شعر جميل، وفي الروايتين آختلاف فِي تقديم الاْبيات وتاْخيرها، وفي اْلفاظ بعض البيوت:
ألا ليت أيام الصّفاء تعود ... ودهراً تولّى يا بثين جديد
فنغنى كما كنّا نكون وأنتم ... صديقٌ وإذ ما تبذلين زهيد
وما أنس ملأ شياء لا أنس قولها ... وقد قربت بصري أمصر تريد
خليلي ما أخفي من الوجد ظاهر ... فدمعي بما أخفي الغداة شهيد
ألا قد أرى والله أن ربّ عبرةٍ ... اذا الدار شطّت بيننا سترود
إذا قلت ما بي يا بثينة قاتلي ... من الحب قَالَت ثابتٌ ويزيد
وإن قلت ردي بعض عقلي أعش به ... مع الناس قَالَت ذاك منك بعيد
فلا أنا مردودٌ بما جئت طالباً ... ولا حبها فيما يبيد يبيد
جزتك الجوازي يا بثين ملامةً ... إذا ما خليلٌ راح وهو حميد
وقلت لها بيني وبينك فاعلمي ... من الله ميثاقٌ لنا وعهود
وقد كان حُبيّكم طريفاً وتالداً ... وما الحب إلا طارفٌ وتليد
وإن عروض الوصل بيني وبينها ... وإن سهّلته بالمني لكئود
فأفنيت عيشي بانتظاري نولها ... وأبلت بذاك الدهر وهو جديد
فليت شاة الناس بيني وبينها ... تذوف لهم سمّاً طماطم سود
وحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بن الأنبارى، قَالَ: حَدَّثَنِي أبي، قَالَ: أنشدنا أحمد بن عبيد، لامرأة من الأعراب
لعمرك ما الرزية فقد مال ... ولا شاةٌ تموت ولا بعير
ولكن الرزية فقد قرمٍ ... يموت بموته بشر كثير