وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍِ، رحمه الله، قَالَ: أَخْبَرَنَا عبد الرحمن عَنْ عمه قَالَ أَخْبَرَنِي صخر بن قريط قَالَ: كان الهيثم بن جراد من أبين الناس، وإنه أتى قوماً ليزهدهم فِي منزلهم فقَالَ: يا بني فلان، ما أنت إِلَى الريف فتأكلوه، ولا إِلَى فلاةٍ فتعصمكم، ولا إِلَى وزر فليلجئكم، فأنتم نهزة لمن رامكم، ولعقة لمن قصدكم، وغرضٌ لمن رماكم، كالفقعة الشرباخ، يشدخها الواطئ ويركبها السافي: الوزر: الجبل والملجأ.
والنهزة: الفرصة التي تتناول بعجلة.
والفقعة: الكمأة البيضاء.
والشرباخ: التي لا خير فيها.
ويشدخها يرضها.
والسافي: الريح التي تسفي التراب.
وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بن الأنبارى، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بن يحيى، قَالَ: رأى رجل من العرب بنيه يثبون عَلَى الخيل وقد تنادوا بالغارة، فذهب يروم ذلك مرة وثانية فلم يقدر، فقَالَ: من سره بنوه ساءته نفسه
وأنشدنا أَبُو عبد الله للنابغة الجعدي:
المرء يرغب فِي الحياة ... وطول عيشٍ قد يضره
تفنى بشاشته ويبقي ... بعد حلو العيش مره
وتسوءه الأيام حتى ... ما يرى شيئاً يسره
كم شامت بي إن ... هلكت وقائلٍ لله دره
وسمعت غير واحد من أشياخنا ينشد:
كأن مواقع الظلفات منه ... مواقع مضر حيات بقار
الظلفات: الخشبات اللواتي يقعن عَلَى جنب البعير، فشبه بياض مواضع الدبر وهي مواقع الظلفات بمواقع المضر حيات عَلَى القار.
والمواقع جمع موقعة وهي: المكان الذي يقع عليه الطائر.
والمضرحيات: النسور.
والقار جمع قارة وهي: الجبيل الصغير، ولا يكون إلا أسود، وذلك أن البعير إذا دبر ثم برأ ابيض موضع الدبر، وكذلك ذرق الطائر إذا يبس ابيض فشبهه به.
ومثله قول الاخر يصف ساقيا يستقي الماء ملحاً:
كأن متنيه من النفي ... مواقع الطير عَلَى الصفي