وتب إِلَى الله مما أنت عليه، فتعلّق بأستار الكعبة وقَالَ: اللهم منّ عَلَى بليلى وقربها، فزجره أبوه وجعل يعنفه، فأنشأ يقول: يقرّ بعيني قربها ويزيدني بها عجباً من كان عندي يعيبها وكم قائل قد قَالَ تب فعصيته وتلك لعمري توبةٌ لا أتوبها قَالَ أَبُو بَكْرٍِ وزادنا غيره: فيا نفس صبراً لست والله فاعلمي بأول نفس غاب عنها حبيبها
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بن دريد، رحمه الله، قَالَ: حَدَّثَنَا عبد الأول، قَالَ: سمعت الكتنجي، يقول: أملقت حتى لم يبق فِي منزلي إلا بارية، فدخلت إِلَى دار المتوك، فلم أزل مفكراً فحضرني بيتان، فأخذت قصبة وكتبت عَلَى الحائط الذي كنت إِلَى جنبه: الرزق مقسومٌ فأجمل فِي الطلب يأتي بأسباب ومن غير سبب فاسترزق الله ففي الله غنىً الله خيرٌ لك من أبٍ حدب قَالَ: فركب المتوكل فِي ذلك اليوم حماراً وجعل يطوف فِي الحجر، ومعه الفتح بن خاقان، فوقف عَلَى البيتين، وقَالَ: من كتب هذين البيتين؟ وقَالَ للفتح: اقرأ هذين البيتين، فاستحسنهما، وقَالَ: من كان فِي هذه الحجرة؟ فقيل: الكتنجي، فقَالَ: أغفلناه وأسأنا إليه، وأمر لي ببدرتين: العوام تقول: بارية وهو خطأ، والصواب باري وبوري، قَالَ الراجز: كالخصّ إذ جلّله الباري وهو بالفارسية بوريك فأعرب عَلَى ما أنبأتك به.
وأنشدنا أَبُو بَكْرٍِ، قَالَ: أنشدنا عبد الأول، قَالَ: أنشدني حماد، قَالَ أنشدني أبي، لنفسه:
لما رأيت الدهر أنحت صروفه ... عَلَى وأودت بالذخائر والعقد
جذفت فضول العيش حتى رددتها ... إِلَى القوت خوفاً أن أجاء إِلَى أحد