وأنشدنا أَبُو عَبْد اللَّه، قَالَ: أنشدنا أحمد بْن يحيى النحوى:
لقد هزئت مني بنجران أن رأت ... مقامى فِي الكبلين أم أبان
كأن لم ترى قبلي أسيرا مقيدا ... ولا رجلاً يرمى بِهِ الرجوان
خليلى لَيْسَ الرأى فِي صدر واحد ... أشيرا عَلَى اليوم ما تريان
أأركب صعب الأمر إن ذلوله ... بنجران لا يقضى لحين أوان
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن دريد، قَالَ: أَخْبَرَنِي عمى، عَنْ أبِيهِ، عَنِ ابن الكلبى، قَالَ: مر منسر من العرب بغلام يرعى غنيمة لَهُ وبينه وبين أهله شعب أو نقب، فترك غنمه وأسند فِي الجبل فأتي قومه فأنذرهم، فقالوا لَهُ: ما رَأَيْت؟ قَالَ: رَأَيْت سبعة كالرماح، عَلَى سبعة كالقداح، غائرة العيون، لواحق البطون، ملس المتون، جريها انبتار، وتقريبها انكدار، وإرخاؤها استعار، وعهدى بهم قد لاذوا بالضلع، وكأنكم بغبارهم قد سطع، فلم يفرغ من كلامه حتى رأوا الغبرة فاستعدوا، وصادفهم القوم حاذرين فأدبروا عَنْهُمْ: المنسر جماعة الخيل، والمنسر بكسر الميم: منقار الطائر، لأنه ينسر بِهِ، أى ينتف بِهِ، واحسب النسر من هذا لأنه ينسر اللحم، أي ينتفه.
قَالَ الأصمعى: منسر فِي الخيل والمنقار بكسر الميم، وتابعه عَلَى ذلك يعقوب، وقَالَ الأصمعى: إنما سمى منسراً لأنه ينسر بِهِ كل ما مر بِهِ، أى ينتفه ويأخذه.
والشعب أكبر من اللصب، وهو الشق فِي الجبل.
والنقب: الطريق فِي الجبل، قَالَ عمرو بْن الأيهم التغلبي
وتراهن شربا كالسعالى ... يتطلعن من ثغور النقاب
: الأنبتار: الشدة فِي العدو، لأنه انقطع عَنِ التقريب والإرخاء.
وانكدار: انفعال من قولهم: انكدار إذا أسرع بعض الإسراع.
والتقريب تقريبان، فالتقريب الأدنى أن يجمع يديه ورجليه عند الحضر، والتقريب الأعلى أن يجمع يديه مَعَ رجليه ويحزئل متنه، وهذا هُوَ الإرخاء الأدنى، فأما الارخاء الأعلى، فهو أن يدعه وسومه من الحضر.