وأنشدنا أَبُو بَكْرِ بن الأنبارى، رحمه الله:
ولست بصادرٍ عَنْ بيت جارى ... صدور العير عمره الورود
ولست بسائل جارات بيتى ... أغياب رجالك أم شهود
ولا ألقى لذي الودعات سوطي ... لألهيه وريبته أريد
أى لا أصدر عَنْ بيت جاري مثل الغير الَّذِي قد تغمر، أى لم يرو وفيه حاجة إِلَى العودة، يَقُولُ: فأنا لا آتى بيت جارى هكذا أريد الريبة.
وذو الودعات: الصبى، يَقُولُ: لا ألهى الصبى بالسوط وأخلو أَنَا بأمه.
ومثله قول مسكين الدارمى:
لا آخذ الصبيان ألثمهم ... والأمر قد يعزي بِهِ الأمر
وحَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن السرى، وابن درستويه، والأخفش، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو العباس مُحَمَّد بن يزيد، قَالَ: أَخْبَرَنَا عمارة بْن عقيل بن بلال بْن جرير، قَالَ: وقع بين أعمامى وأخوالى لحاء فِي أرضٍ، فتراضوا عند حاكم لهم بشيخ منهم، ورضوا بيمينه مَعَ الشهادة فكان إذا استحلف بالمشى إِلَى مكة حلف بالمشى إِلَى جدة، وإذا استحلف بطلاق امرأة حلف بطلاق أربع، وإذا استحلف بعتاق عَبْد حلف بعتاق مائة، وكنت أحب أن يظهر أعمامى عَلَى أخوالى فظهروا عَلَيْهِم فقلت: لا شىء يدفع حق خصم شاغبٍ إلا كحلف عبيدة بْن سميذع
يمضى اليمين عَلَى اليمين لجاجة ... عض الجموح عَلَى اللجام المقدع
وإذا يذكر حلفةً أصغى لها ... وإذا يذكر بالتقى لم يسمع
سهل اليمين إذا أردت يمينه ... بخدائع السفراء غير مخدع
يهتز حين تمر حجةً خصمه ... خوف الهضيمة كاهتزاز الأشجع
يغشى مضرته لنفع صديقه ... ما خير ذى حسب إذا لم ينفع
وقرئ عَلَى أبي بَكْر بْن دريد، وأنا أسمع، لرجل ذكر دارا ووصف ما فيها فقَالَ:
إلا رواكد بينهن خصاصة ... سفع المناكب كلهن قد اصطلى
ومجوفات قد علا أجوازها ... أسآر جردٍ مترصات كالنوى