فقَالَ: يا أمير المؤمنين، وجب عليه حدٌّ فأقمته، فقَالَ: هلاّ درأت عنه بالشّبهات؟ فقَالَ كان الحدّ أبين، وكان رغمه عَلَى أهون، فقَالَ عبد الملك: يا بني أمية، أحسابكم أنسابكم لا تعرّضوها للهجاء، وإياكم وما سار به الشعر، فإنّه باقٍ ما بقي الدهر، والله ما يسرّني أني هجيت بهذا البيت وأن لي ما طلعت عليه الشمس:
يبيتون فِي المشتى ملاءً بطونهم ... وجاراتهم غرثى يبتن خمائصا
وما يبالي من مدح بهذين البيتين ألا يمدح بغيرهما:
هنا لك إن يستخبلوا المال يخبلوا ... وإن يسألوا يعطوا وإن ييسروا يغلوا
عَلَى مكثريهم رزق من يعتريهم ... وعند المقلّين السّماحة والبذل
وأملى علينا أَبُو بَكْرٍِ، قَالَ: أنشدنا أَبُو حاتم، عَنْ أبي عبيدة، لخرنق بنت هفّان ترثى زوجها عمرو بن مرثد، وابنها علقمة بن عمرو، وأخويه حسّان، وشرحبيل:
لا يبعدن قومي الذين هم ... سمّ العداة وآفة الجزر
النازلون بكل معتركٍ ... والطّيبون معاقد الأزر
ويروى: النازلين والطيبين معاقد الأزر، ويروى: النازلون والطيبين.
إن يشربوا يهبوا وان يذروا ... يتواعظوا عَنْ منطق الهجر
قوم إذا ركبوا سمعت لهم ... لغطا من التأيية والزّجر
والخالطين نحيتهم بنضارهم ... وذوى الغنى منهم بذي الفقر
هذا ثنائي ما بقيت عليهم ... فإذا هلكت أجنني قبري
: الهجر: الفحش: واللّغط: الجلبة: والتأبيه: الصّوت، يُقَال: أيّهت به تأييها إذا صحت به، والنّحيت: المنحوت، والنّضار: الذّهب.
وحَدَّثَنِي أَبُو عمرو، عَنْ أبى العباس، عَنِ ابن الأعرابي، أن غليّماً من بني دبير أنشده:
يا بن الكرام حسباً ونائلاً ... حقًّاً ولا أقول ذاك باطلًا