للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معناه: ولقد بينت لكم: واللحن بفتح الحاء: الفطنة، وربما أسكنوا الحاء فِي الفطنة، ورجل لحن، أى فطن، قَالَ لبيد يصف كاتبا:

متعود لحن يعيد بكفه ... قلما عَلَى عسب ذبلن وبان

وَمِنَ اللَّحْنِ الْحديث الَّذِي يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَيْهِ فِي مَوَارِيثَ وَأَشْيَاءَ قَدْ دَرَسَتْ، فقَالَ عَلَيْهِ السَّلامُ: لَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ الآخَرِ فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الرَّجُلَيْنِ: يَا رَسُولَ اللهِ، حَقِّي هَذَا لِصَاحِبِي، فَقَالَ: لا وَلَكِنِ اذْهَبَا فَتَوَخَّيَا ثُمَّ اسْتَهِمَا ثُمَّ لِيُحَلِّلْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا صَاحِبَهُ.

ومنه قول عمر بْن عَبْد العزيز رحمه اللَّه: عجبت لمن لاحن الناس كيف لا يعرف جوامع الكلم! أى فاطنهم.

وحَدَّثَنِي أَبُو بَكْر، عَنْ أبى الْعَبَّاس، عَنِ ابن الأعرابى، قَالَ: يُقَال: قد لحن الرجل يلحن لحناً فهو لاحِن إذا أخطأ، ولحن يلحن لحنا فهو لحن، إذا أصاب وفطن، وأنشد

وحديث ألذه هُوَ مما تشتهيه ... النفوس يوزن وزنا

منطق صائب وتلحن أحيانا ... وخير الحديث ما كَانَ لحنا

معناه: وتصيب أحيانا

وَحَدَّثَنِي أَيْضًا، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الأَصْمَعِيُّ، عَنْ عِيسَى بْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ مُعَاوِيَةُ لِلنَّاسِ: كَيْفَ ابْنُ زِيَادٍ فِيكُمْ قَالُوا: ظَرِيفٌ عَلَى أَنَّهُ يَلْحَنُ، قَالَ: " فَذَاكَ أَظْرَفُ لَهُ، ذَهَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى اللَّحْنِ الَّذِي هُوَ الْفِطْنَةُ، وَذَهَبُوا هُمْ إِلَى اللَّحْنِ الَّذِي هُوَ الْخَطَأُ واللحن أيضاً: اللغة، ذكره الأصمعى، وأَبُو زيد؛ ومنه قول عُمَر بْن الْخَطّاب رضى اللَّه تعالى عَنْهُ: تعلموا الفرائض والسنن واللحن كما تعلمون القرآن.

فاللحن: اللغة وروى شريك عَنْ أبى إِسْحَاق عَنْ ميسرة أنّهُ قَالَ فِي قوله عز وجل: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ} [سبأ: ١٦] : العرم: المسناة بلحن اليمن، أى بلغة اليمن، وقَالَ الشاعر

وما هاج هذا الشوق إلا حمامة ... تغنت عَلَى خضراء سمر قيودها

صدوح الضحى معروفة اللحن لم تزل ... تقود الهوى من مسعد ويقودها

<<  <  ج: ص:  >  >>