علجن من التّعلّج وهو الغلظ، وامرأة سمعنّة نظرنّة وسمعنّة نظرنّة إذا كانت كثيرة النظر والاستماع، فكان الأصل فِي بسنٍ بسًّا، وبسّ مصدر بسست السّويق أبسّه بسًّا فهو مبسوس، اذا لتتّه بسمن أو زيت ليكمل طيبه، فوضع البّس موضع المبسوس وهو المصدر، كما قلت: هذا درهم ضرب الأمير تريد مضروبه، ثم حذفت إحدى السّينين وزيد فيه النون وبني عَلَى مثال حسن، فمعناه حسن كامل الحسن، وأحسن من هذا المذهب الذي ذكرناه أن تكون النون بدلاً من حرف التضعيف، لأن حروف التضعيف تبدل منها الياء مثل تظنّيت وتقضّيت، وأشباههما مما قد مضى، فلما كانت النون من حروف الزيادة كما أن الياء من حروف الزيادة، وكانت من حروف البدل كما أنها من حروف البدل، أبدلت من السين إذ مذهبهم فِي الإتباع أن تكون أواخر الكلم عَلَى لفظ واحد، مثل القوافي والسّجع، ولتكون مثل: حسنٍ، ويقولون: حسن قسن، فعمل بقسن ما عمل ببسن عَلَى ما ذكرناه، والقس: تتبّع الشيء وطلبه، فكأنه حسن مقسوس أي متبوع مطلوب، ومن الأتباع قولهم: لحمه خظا بظا، وبظا بمعنى خظا وهو كثرة اللحم، ويقولون: بظا يبظو اذا كثر لحمه، فأما قول الرجل لأبي الأسود: خظيت وبظيت فيمكن أن يكون من هذا أي زادت عنده، وسئل ابن الأعرابي عَنْ قول النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الصّدوق يعطى ثلاث خصال الهيبة والملحة والمحبّة، فقَالَ: يمكن أن تكون الملحة من قولهم: تملّحت الإبل إذا سمنت، فكأنه يعطى الزيادة والفضل، ويقولون: أجمعون أكتعون، فأكتعون بمعنى أجمعين، وقَالَ أَبُو بَكْرِ بن دريد: كتع الرجل إذا تقبّض وإنضمّ، قَالَ: ويقَالَ: كتع كتعاً إذا شمّر فِي أمره، فيجوز أن يكون جاءوا أجمعين منضمّين بعضهم إِلَى بعض، ويقولون: أجمعون أبصعون فأصبعون من قولهم: تبصّع العرق إذا سال ورشح، وقد روى بيت أبي ذؤيب.
إّلا الحميم فإنه يتبصّع
أي يسيل سيلاناً لا ينقطع، فكأنه قَالَ: أجمعون متتابعون لا ينقطع بعضهم عَنْ بعض كالشيء السائل، ويقولون: ضيّقُُ ليّقُُ، فالضيق: اللاصق لما تضمنه من ضيق، واللّيّق مأخوذ من قولهم: لاقت الدّواة إذا إلتصقت، ولاقت المرأة عند زوجها أي لصقت بقلبه، قَالَ الأصمعي: ولا أعرف: ضيق عيق، فإن قيل: ضيّق عيّق فهو صواب، لأنهم يقولون: ما لاقت المرأة