من عفا إذا قدر، وأجمل إذا انتصر، ولم تطغه عزّة الظّفر، قَالَ: فمن أحزم الناس؟ قَالَ: من أخذ رقاب الأمور بيديه، وجعل العواقب نصب عينيه، ونبذ التّهيب دبر أذنيه.
قَالَ: فمن أخرق الناس؟ قَالَ: من ركب الخطار، واعتسف العثار، وأسرع فِي البدار، قبل الاقتدار.
قَالَ: فمن أجود الناس؟ قَالَ: من بذل المجهود، ولم يأس عَلَى المعهود، قَالَ: فمن أبلغ الناس؟ قَالَ: من جلّى المعنى المزيز، باللفظ الوجيز، وطبّق المفصل قبل التّحزيز، قَالَ: من أنعم الناس عيشاً؟ قَالَ: من تحلّى بالعفاف، ورضا بالكفاف، وتجاوز ما يخاف إِلَى ما لا يخاف، قَالَ: فمن أشقى الناس؟ قَالَ: من حسد عَلَى النّعم، وتسخّط عَلَى القسم، واستشعر النّدم، عَلَى فوت ما لم يحتم، قَالَ: من أغنى الناس؟ قَالَ: من استشعر الياس، وأبدى التّجمّل للناس، واستكثر قليل النّعم، ولم يسخط عَلَى القسم، قَالَ: فمن أحكم الناس؟ قَالَ: من صمت فادّكر، ونظر فاعتبر، ووعظ فازدجر، قَالَ: من أجهل الناس؟ قَالَ: من رأى الخرق مغنما، والتجاوز مغرما الرّثية: وجع المفاصل واليدين والرجلين، قَالَ أَبُو عبيدة: أنشدت يونس النحويّ:
وللكبير رثيات أربع ... الرّكبتان والنّسا والأخدع
فقَالَ: إي والله، وعشرون رثية، والخلّة: الحاجة.
والخلّة: الصداقة، يُقَال: فلان خلّتي وفلانة خلّتي، الذكر والأنثى فيه سواء، وخلّي وخليلي، والخلّ: الطريق فِي الرّمل، والخلّ: الرجل الخفيف الجسم،
قَالَ: وقرأت عَلَى أَبِي بَكْرِ بن دريد، رحمه الله:
فاسقنيها يا سواد بن عمروٍ ... إنّ جسمي بعد خالي لخلّ
والخليل أيضاً: المحتاج، قَالَ زهير:
وإن أتاه خليلٌ يوم مسألةٍ ... يقول لا غائبٌ مالي ولا حرم
وقد استقصينا هذا الباب فيما مضى من الكتاب.
والكاند: الذي يكفر بالنعمة، والكنود: الكفور، ومنه قوله عز وجل:{إن الإنسان لرب لكنود} .
وامرأة كنودٌ كفورٌ للمواصلة، والمستميد مثل المستمير وهو المستعطي، ومنه اشتقاق المائدة لأنها تماد، ولا تسّمى مائدة حتى يكون عليها