للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجوز أن يكون لغرض ممكن إذ لا وجود لشيء من الممكنات قبل خلق العالم؛ إذ لو كان موجودًا لكان الشيء موجودًا قبل كونه موجودًا ضرورة أنه من جملة العالم وهو محال، وإذا كان كذلك فلا وقت ولا زمان إذ ذاك حتى يمكن أن يقال: أن الإيجاد في ذلك الوقت إنما كان لأجل كون ذلك الوقت منشأ للمصلحة، ولا واجب إذ الواجب لا يجوز أن يكون غرضًا من الفعل لأن الغرض معلول العلل الثلاثة في الوجود الخارجي والواجب لا يجوز أن يكون معلولًا.

وعاشرها: أن الحكم والمصالح متأخرة عن شرع الحكم والمتأخر عن الحكم لا تكون علة الحكم.

وحادي عشرها: أن كل حكمة تعرض ومصلحة تطلب فإن الله تعالى قادر على تحصيلها من غير وساطة الأحكام، فيكون توسيطها زيادة تعب وعناء على المكلف فيكون منفيًا لقوله تعالى: {وما جعل عليكم في الدين من خرج} وبأمثاله من النصوص، وعبث أيضًا وهو أيضًا ممتنع الثبوت في حقه تعالى لما تقدم.

وثاني عشرها: أن الله تعالى خلق بعض الكفار فقيرًا شقيًا بحيث يكون في الدنيا من أول العمر إلى آخره في المحنة والتعب الشديد الذي يتمني معه الموت في كل لحظة، وهو في الآخرة في العقاب الأليم وفي العذاب المقيم أبد الآبدين ودهر الداهرين، ولا شك أن الله تعالى كان عالمًا في الأزل بأن خلقه إياه وتكليفه بالإيمان لم ينفعه شيئًا بل يصير ذلك سببًا لمحنته وبلائه وأن إبقاءه على العدم الأصلي خير له، ومع هذا كيف يمكن أن يقال أنه تعالى لا يفعل إلا ما فيه مصلحة للعباد.

وثالث عشرها: أنه تعالى خلق الخلق وركب فيهم الشهوة والغضب

<<  <  ج: ص:  >  >>