وسائر الصفات الذميمة، نحو الحقد والحسد حتى صدر منهم بسببها أنواع الفساد والشرور فيما يتعلق بهم وبغيرهم، مع أنه تعالى قادر على أن يخلقهم بحيث لا يصدر عنهم شيء من ذلك كما إذا خلقهم ابتداء في الجنة وأغناهم عن القبائح الذميمة بالمشتهيات الحسية، وما يقال: بأنه إنما فعل ذلك؛ لأن يعطيهم العوض، ولأن يكون لطفًا لمكلف آخر فضعيف؛ لأنه لو أعطى ما هو عوض ابتداء من غير تعب ونصب لكان أشد رعاية لمصلحتهم وأكثر إحسانًا إليهم، وتعذيب الحيوان المخصوص لأجل أن يكون لطفًا لآخر لا يرضى به عاقل.
ورابع عشرها: أن أفعاله وأحكامه تعالى لو كانت معللة بالمصالح فإما أن يكون بحيث يمكن انفكاكها عنها أو لا يمكن، والقسمان باطلان/ (١٨٢/ أ) فبطل القول بالمقارنة، أما الأول؛ فلأنه لو فرض الفعل خاليًا عنها لوجب أن يكون الفعل عبثًا؛ لأن كل فعل ثبت تعليله بالمصلحة فإذا فرض خاليًا عنها فإنه يوصف بذلك كما [في] فعل العبد بخلاف ما إذا كان فعله لا للمصلحة بل بمحض الإرداة والاختيار فإنه إذ ذاك يمنع وصفه بذلك.
وأما الثاني، فلأنه يقتضي أن يكون الباري تعالى مضطرًا في فعله وأن لا يكون متفضلًا على خلقه بتحصيل مقاصدهم ومآربهم وكل ذلك خلاف النصوص وإجماع السلف، ولأن الفقهاء مساعدون على فساد هذا القسم.
وخامس عشرها: لو كانت معللة بالمصالح فإما أن يكون مع وجوب التعليل وهو باطل؛ لأنه لو ترك ذلك لتوجه إليه السؤال؛ لأن كل من ترك ما وجب عليه فإنه يتوجه عليه أن يقال: لم تركته بالاستقراء لكن ذلك باطل؛ لقوله تعالى:{لا يسأل عما يفعل وهم يسألون} أولا مع وجوب التعليل، وهو أيضًا باطل؛ لأنه حينئذ يمكن خلو الفعل عن المصلحة ويعود