ثم يقول الله سبحانه وتعالى:«اكتبوا كتابه في سجين» ثم تطرح روحه طرحًا، ثم قرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: {ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوى به الريح في مكان سحيق}[الحج: ٣١].
يعني ترد فتعاد إليه روحه في جسده، فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له: من ربك؟ فيقول: هاه هاه، لا أدري، فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: هاه هاه لا أدري، فيقولان له: ما تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هاه هاه لا أدري، فينادي المنادي من السماء: كذب عبدي فافرشوا له فراشًا، من النار وألبسوه من النار وافتحوا له بابًا من النار، فيدخل عليه من حرها وسمومها، ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه، ويأتيه رجل قبيح المنظر والثياب منتن الريح فيقول له: أبشر بالذي يسوءك هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول من أنت؟ فيقول: أنا عملك السوء، فيقول: رب لا تقم الساعة.
وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-، قال: إن المؤمن إذا وضع في قبره يوسع عليه في قبره سبعون ذراعًا عرضًا وسبعون ذراعًا طولًا، وتنثر عليه الرياحين، ويستر بالحرير في الجنة، فإن كان معه شيء من القرآن كفاه نوره، وإن لم يكن معه شيء من القرآن جعل له نور مثل نور الشمس، ويكون مثله كمثل العروس تنام فلا يوقظها من نومتها إلا أحب أهلها إليها، فتقوم من نومتها كأنها لم تشبع منها.
وإن الكافر إذا وضع في قبره يضيق عليه قبره، حتى تدخل أضلاعه في جوفه، ويرسل عليه حيات كأمثال أعناق البخث فتأكل لحمه حتى لا يذرن على عظمه لحمًا، ويرسل عليه شياطين صم بكم عمي، ويقال: هو الشيطان الرجيم، ومعهم فطاطيس من حديد، فيضربونه بها حتى لا يسمعوا صوته فيرحمونه، ولا يبصرونه فيرحمونه، وتعرض عليه النار بكرةً وعشيًا.
فهذه أخبار دالة على إثبات عذاب القبر ونعيمه، فإن اعترضوا عليها فقالوا: كيف القول في المصلوب والمحترق والغريق ومن أكلته السباع فتفرقت بلحمه والطير معها فحصل أجزاء متعددة؟