للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقومها: هذا أمر نزل علينا من السماء، لا ينبغي منابذته ولا نطيقه، ثم عمدت إلى عرشها فجعلته في آخر سبعة أبيات، ثم أقامت عليه الحرس، ثم أقبلت إلى سليمان.

قال: فرجع الهدهد إلى سليمان فأخبره أنها قد أقبلت إليه، فجمع أهل مملكته إليه ثم {قال يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها} [النمل: ٣٨] يعني سريرها {قبل أن يأتوني مسلمين} [النمل: ٣٨] يعني مصالحين، فلا يحل لنا بعد الصلح أخذه {قال} له {عفريت من الجن} [النمل: ٣٩] يقال له عمرو وهو العفريت الشديد الغليظ من الجن {أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك} [النمل: ٣٩] يعني من مجلسك للقضاء وهو إلى نصف النهار {وإني عليه لقوي} [النمل: ٣٩] أي على حمله {أمين} [النمل: ٣٩] على ما فيه من اللؤلؤ والجواهر والزمرد والذهب والفضة، وكانت قوة العفريت أنه يضع قدامه حيث ينال طرفه يعني ينتهي بصره، فقال لسليمان: أنا أضع قدمي حيث يبلغ بصري فآتيك به، فقال سليمان: أريد أعجل من ذلك فـ {قال الذي عنده علم من الكتاب} [النمل: ٤٠] يعني اسم الله الأعظم وهو: يا حي يا قيوم {أنا} [النمل: ٤٠] أدعو ربي فأراجع همي وأنظر كتاب ربي و {آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك} [النمل: ٤٠] وهو آصف بن برخيا بن شعياء واسم أمه باطورا، وهو من بني إسرائيل، وكان يعلم اسم الله الأعظم: {أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك} يعني قبل أن يجيء إليك الشيء الذي يبلغه طرفك أي نظرك، فقال له سليمان: غلبت إن فعلت، وإن لم تفعل فضحتني بين الجن وأنا سيد الإنس والجن، وقام آصف بن برخيا فتوضأ ثم سجد لله -عز وجل- يدعو الله باسمه الأعظم وهو يقول: يا حي يا قيوم.

وروي عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنه قال: هو الاسم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى، وهو: يا ذا الجلال والإكرام: قال فغاب عرشها تحت الأرض حتى نبغ عند كرسي سليمان.

وقيل: إنه نبغ تحت كرسي كان يضع سليمان قدميه عليه إذا جلس على كرسيه الكبير، فلما رأى العرش قد نبغ قالت الجن لسليمان: أيقدر آصف أن يجيء بالسرير ولا يجيء ببلقيس، فقال آصف لسليمان: أنا آتيك بها، قال: فأمر سليمان فبني له صرح أملس من قوارير، ثم أجري تحته الماء وألقي فيه المسك، يرى من فوق الصرح من صفائه، ثم أمر سليمان بكرسيه فوضع في وسط الصرح، وأمر بكراسي لأصحابه،

<<  <  ج: ص:  >  >>