للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في حفظها، والتملك والاقتدار، والتهاون في أمر الله، والتوقير للمخلوقين، والمداهنة لهم والعجب بالأعمال، وحب المدح بما لم تفعله، والاشتغال بعيوب الخلق والتعامي عن عيوبك، ونسيان نعمة الله وإضافتها إلى نفسك أو إلى الخلق الذين هم مسخرون وآلة لتلك النعمة، والوقوف مع الظاهر، والتقاعد عن النظر في الأصول، وحفظ الحدود، ووضع الشيء في محله، وإيثار الفرح، ونبض الحزن الذي يكون بعدمه خراب القلب، وخروج الخشية منه، وببعده إطفاء نور الحكمة، وبتزايده إيجاب قرب الرب والأنس به والاستماع إليه والفهم منه، والاستغناء به عن جميع البرية، والسعادة الأبدية، والنجاة السرمدية، والنعمة الكلية، ومشحون بالانتصار للنفس إذا نالها الذل الذي دواؤها فيه وسعادتها به، ودخولها في زمرة أحباب الله تعالى وأصفيائه وخلصائه وشهدائه وعلمائه، والعارفين بمجاري أقداره وأبدال أنبيائه -عليهم السلام-، وبضعف الانتصار للحق جلت عظمته وأنصار دينه وأوليائه القائمين بحجته، الداعين الخلق إلى طاعته، المحذرين لنقمته وتارة بتذكرهم لأيامه، المرغبين في رحمته وجنته، واتخاذ إخوان العلانية مع عداوتك إياهم في السر، والإعراض عن موافقة الأخيار الأبرار المنكسري القلوب والأفئدة، الذين هم جلساء الرحمن جلت عظمته، المطمئنون إليه، الملازمون للشدة، المداومون على الخدمة، المتنعمون بالمنة، المتلبسون بالخلعة، الموسومون بخلصاء الرحمن رب العزة، الآمنون في الدنيا من دوران الدول والفتنة، وفي القبور من شر هول المطلع والضغطة، وفي القيامة من طول الحساب والوحشة، الخالدون في دار البقاء في النعمة والسرور والبهجة والفرحة، المخصوصون فيها بكل ظريف ولطيف في ساعة ولحظة وطرفة.

واغتررت أيضًا بما خولت من الدنيا، وما أطلقت فيها من القضاء، وأرحت من العناء، فأمنت من سلب العطاء والفضل والنعم الذي كان لغيرك، ثم انتقل منه إليك ممن تقدم ومضى، من فرعون وهامان وقارون وشداد وعاد وقيصر وكسرى، من الملوك الخالية والأمم الفانية الذاهبة، الذين تلاعبت بهم الدنيا وغرتهم الأماني، حتى جاء أمر الله وغرهم بالله الغرور، وحيل بينهم وبين ما يشتهون، وجمعوا وفرقوا وقطع بينهم وبين ما خولوا وأزيلوا عن الفرش التي مهدوها لأنفسهم، وأهبطوا عن المنازل التي شيدوها، وأزيلوا عن العز الذي كانوا به ظفروا، وعن الملك الذي ادعوا وخيلوا، فطولبوا بالودائع التي استودعوها، وبالعواري التي استؤمنوها، فجاءهم من الله ما لم

<<  <  ج: ص:  >  >>